كلمة البطريرك الرّاعي في افتتاح أعمال السّينودس المقدّس «متفرقات

 

 

 

 إخواني السّادة المطارنة الأجلّاء،

 

 

 

 

      1. نشكر الله على أنّه هيّأ عقولنا وإراداتنا وقلوبنا، في الرّياضة الرّوحيّة التي أحييناها الأسبوع الماضي، لنقوم بأعمال السّينودس المقدّس، كما هي في جدول الأعمال وما سيُضاف عليه منكم أو ما يطرأ من مستجدّات. وأودّ البدء بالتّذكير بأنّنا ملزَمون ضميريًّا بحفظ السّرّ بشأن ما يجري في مجمعنا أو نتداوله، من أجل حماية حريّة التّعبير والرّأي وكرامة الأشخاص. ويُثقِل حفظُ السّرّ ضمائرنا بنوعٍ أخصّ عندما يتعلّق الأمر بالانتخابات الأسقفيّة: في إعدادها وإجرائها ونتائجها. فمن أجل حفظ السّرّ، نطلب منكم عدم اصطحاب الخليويّ الخاصّ إلى قاعة الاجتماعات منعًا لالتقاط أيّة معلومةٍ أو لتسجيل أيّ حديث أو نتائج، لأنّنا في آخر كلّ انتخاب سنُتلف ليس فقط بطاقات الاقتراع، بل أيضًا أوراقكم الخاصّة التي دوّنتم عليها أسماء ونتائج. إنّ ما يمكن إعلانه سيتمّ رسميًّا في البيان الختاميّ ظهر السّبت المقبل بالتّزامن مع الكرسي الرّسوليّ. فاحترامًا له ولقداسة البابا ولمجمعنا نحن ملزَمون بحفظ السّرّ.

 

 

 

 

      2. فلنبدأ منذ الآن بإجراء القسم معًا: "أنا ... أُقسِمُ اليمينَ في حضرةِ اللهِ ديّاني، وبالاتّكالِ على نعمتِه، بحفظِ السّرِّ في كلِّ ما يتعلَّقُ بأعمالِ هذا المجمعِ المقدَّس، ولاسيّما لجهةِ ما يُدلي به الآباءُ من آراءٍ بشأنِ الأشخاص، ولجهةِ المرشَّحينَ للانتخاباتِ الأسقفيّةِ والنّتائج، أثناءَ انعقادِ الدّورةِ وبعدَها. وأقسمُ بأنّي أَنتَخِبُ للكرسي الشّاغرِ، بضميرٍ حيٍّ ونزاهةٍ وتجرّدٍ، من أراهُ أمامَ اللهِ الأفضلَ والأصلحَ لخدمة جلالِه، تمجيدًا للثّالوثِ القدّوس، الآبِ والابنِ والرّوحِ القدُس، الإلهِ الواحد، الآن وإلى الأبد، آمين".

 

 

 

 

      وإذ نحن نؤمن أنّ الأسقفيّة دعوةٌ من الله، لا ننسى أنّنا في انتخاب الأسقف نواصل ما قام به الرّسل الأحد عشر الذين، كي يختاروا خلفًا ليهوذا الإسخريوطيّ الذي أسلم يسوع، رشّحوا شخصَين يوسف المدعوّ بَرْسابا ومتّيا، ثمّ صلّوا قائلين: "أيّها الربّ العليم بقلوب النّاس أجمعين، بيّن من اخترتَ من هذين الاثنين ليقوم بخدمة الرّسالة". "ثمّ اقترعوا فوقعت القرعة على متّيا، فضُمَّ إلى الرّسل الاثني عشر" (أعمال1: 23-26).

 

 

 

 

      3. إنّ السّينودس المقدَّس يتناول كلّ ما يختصّ بحياة أبناء أبرشيّاتنا في النّطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار، كما يظهر من جدول الأعمال المثقل بالمواضيع. وإنّنا في الوقت عينه نواكب شعبنا في واقعه وظروفه وقلقه وشجونه.

 

 

 

 

      4. بالنّسبة إلى لبنان لا بدّ من التّنويه بالجهود المبذولة وبالإنجازات التي حقّقتها الحكومة على صعُد مختلفة، ولكن يبقى الكثير الكثير ممّا ينتظره المواطنون. ونتطلّع معهم إلى تعزيز الثّقة بلبنان من خلال خلق جوٍّ سياسيٍّ سليمٍ ومسؤولٍ يبعد عن المزايدات والمُهاترات والتّوظيفات العشوائيّة والزّبائنيّة؛ وإعادة تفعيل الدّورة الإقتصاديّة وحماية دَور المصارف وايلاء عناية خاصة بالرعاية الاجتماعيّة والمدارس. كما أنّنا نذكّر المسؤولين في الدّولة بوجوب إعادة تفعيل قطاع الإسكان وإحياء القروض السّكنيّة. فالقطاع الإسكانيّ أساسيٌّ وحيويٌّ لتحريك أكثريّة قطاعات الاقتصاد والتّجارة والانتاج.

 

 

 

 

لقد عادت بكلّ أسف حادثة طرابلس لتطرح بقوّة خطر الإرهاب والإرهابيّين والبيئة الحاضنة وهم على ما يبدو يسرحون ويمرحون ويتغلغلون في مجتمعنا كتنّينٍ يتربّص بأمن النّاس وباستقرار الوضع الأمنيّ. ولا بدّ من الإشادة بسهر الجيش والقوى الأمنيّة وعملها الدّؤوب في مكافحتهم آملين القبض عليهم وعلى من يقف وراءهم أو يغطّيهم. وإنّنا ننحني أمام دماء آخر قافلةٍ من الشّهداء الذين سقطوا في هذه الحادثة المؤلمة، ونعلن قربنا الرّوحيّ والإنسانيّ من أهلهم وعائلاتهم.

 

 

 

 

على أبواب فصل الصّيف نأمل أن يشهد هذا الموسم حركةً سياحيّةً ناشطةً تعيد لبنان إلى موقعه السّياحيّ المرموق والمتميّز كما نشجّع أبناءنا المنتشرين لزيارة لبنان والتّمتّع بما خصّ الله وطنهم الأم من جمالٍ ومناخٍ وأرضٍ مقدَّسةٍ وقدّيسين.

 

 

 

 

5. أمّا بالنّسبة إلى أبنائنا في العراق وسوريا وفلسطين وسائر شعوبها، فإنّنا نحمل قضاياهم وندافع عنها في المحافل الكنسيّة والمدنيّة، الإقليميّة والدّوليّة. ونطالب معهم بحقوقهم في أوطانهم، ولا سيّما بحقّ عودتهم بكرامةٍ إليها، كي يواصلوا كتابة تاريخهم، ويحافظوا على هويّتهم الثّقافيّة، فتستعيد بلدانهم مكانها ومكانتها في الأُسرتَين العربيّة والدّوليّة.

 

 

 

 

6. وبالنّسبة إلى أبنائنا المنتشرين في القارّات الخمس، فإنّا نثمّن شجاعتهم وإقدامهم وما حقّقوا من إنجازاتٍ وفقًا لطموحاتهم، ونشعر مع الذين ما زالوا متعثّرين بعض الشّيء في شقّ طريقهم في الغربة. وإنّنا نناشدهم المحافظة على انتمائهم إلى الوطن الأصليّ، وعلى رباطهم بالكنيسة الأمّ، والاعتناء بتسجيل قيود وقوعات نفوسهم الشّخصيّة لدى البعثات الدّيبلوماسيّة في بلدانهم، كي يحافظوا على جنسيّتهم ومكانهم وحقوقهم المدنيّة في وطنهم وعلى رقعة أرض من ترابه. وندعوهم إلى تثمير طاقاتهم في وطنهم مساهمةً منهم في تفعيل حياته الاقتصاديّة.

 

 

 

 

      7. نستعرض سريعًا جدول الأعمال، ونضيف عليه ما ترونه مناسبًا، ونجري ما يلزم من تعديلات. ثمّ نشكّل لجنة البيان الختاميّ. ونبدأ بعدها بموضوع الشّؤون الطّقسيّة ومقرّراتها النّهائيّة. نلفت انتباهكم إلى أنّه، نظرًا لضيق الوقت وكثرة المواضيع، يمكن تقديم تقارير مفصّلة، أمّا في الاجتماعات فيُحصر العرض بالمستجدّات، وبالمطلوب اتّخاذ قرارات بشأنه. تجدون بعد ظهر الجمعة 14 حزيران برنامجًا خاصًّا، إذ نقوم بتدشين "المركز البطريركيّ للتّنمية البشريّة والتّمكين" – دير مار سركيس وباخوس في ريفون.

 

 

 

      إنّنا بإسم الرّبّ، وتحت أنوار روحه القدّوس، وشفاعة أمّنا مريم العذراء سلطانة الرّسل، نبدأ أعمالنا.

 

 

 

 

موقع بكركي.