أربعاء أسبوع النسبة «الإنجيل

 

إنجيل اليوم (يو8/ 21- 24)

 

 

21 وعاد يسوع يقول لهم: "أنا أمضي، وتطلبونني وتموتون في خطيئتكم. حيث أنا أمضي لا تقدرون أنتم أن تأتوا".

22 فأخذ اليهود يقولون: "أتراه يقتل نفسه؟ فإنّه يقول: حيث أنا أمضي لا تقدرون أنتم أن تأتوا".

23 ثمّ قال لهم: "أنتم من أسفل، وأنا من فوق. أنتم من هذا العالم، وأنا لست من هذا العالم.

24 لذلك قلت لكم: ستموتون في خطاياكم. أجل، إن لم تؤمنوا أنّي أنا هو تموتوا في خطاياكم".

 

أولاً: قراءتي للنصّ

 

  في هذا النصّ  تشديد على أنّ الخلاص من الخطيئة والهلاك لا يتمّ إلاّ بالإيمان بيسوع المسيح، الذي له وحده السّلطان على الخطيئة والموت الذي هو الهلاك! وما الخلاص سوى العبور مع المسيح إلى جوار الآب.

 

 ما قاله يسوع لليهود وبالتالي لنا، والخاصّ به، هو التالي "أنا أمضي"، "أنا من فوق"، "أنا لست من هذا العالم"؛ يدعو الربّ يسوع اليهود، ويدعونا نحن، إلى وعي الحقيقة التالية. إنّه ليس من هذا العالم الذي نحن فيه، والذي نعرفه، ولا نعرف سواه كما نعرفه؛ إنّه من عالم آخر، أفضل بكثير، بما لا يقاس، من هذا العالم؛ وإنّه عائد بعد إتمام رسالته، إلى عالمه، إلى عالم ملكوت الله الآب الذي أرسله.

 

  ما قاله يسوع لليهود، وبالتّالي لنا، والخاصّ بهم وبنا، يتوزّع على النقطتين التاليتين.

 

 سوف "تطلبونني، وحيث أمضي لا تقدرون أنتم أن تأتوا"، فتموتون في خطيئتكم؛ "أنتم من أسفل...، أنتم من هذا العالم"؛ "ستموتون في خطاياكم؛ أجل، إن لم تؤمنوا أنّي أنا هو تموتوا في خطاياكم".

 

 ما قاله يسوع لليهود، ينطبق على كلّ إنسان، علينا بالذات، إذا ما كان موقفنا من يسوع كموقف اليهود منه، لأنّه سوف نشعر بالحاجة إليه يومًا، فنطلبه وقد لا نقدر أن نصل إليه، ونموت عندئذٍ في خطايانا؛ يدعونا الربّ إذن، إلى التفلّت والتحرّر من الحاضر الزمنيّ الذي يلهينا، ويحول دون شعورنا بالحاجة إليه، وإلى استحضار "المستقبل"، أي اللاّ زمنيّ أو الأبديّ، الذي فيه سنصبح بحاجة إليه بكليّتنا لكي نبدأ منذ اللّحظة، بالعيش معه وله، في إطار الإيمان والرّجاء والمحبّة.

 

 

 ماذا فهم اليهود من أقوال يسوع، وكيف فهموا ما فهموا؟

 

توقّف اليهود هنا، عند أقوال يسوع، التي تتناول مصيره: "أنا أمضي...، وحيث أنا أمضي لا تقدرون أنتم أن تأتوا"، فأثار قوله هذا لديهم التساؤل التالي: "أتراه يقتل نفسه؟"؛ مع أنّ أقوال يسوع توقظ لدى السّامع السؤال البشريّ الأساس والغامض حول مصيره، ويقدّم له "الإيمان" عنصرَ اطمئنانٍ شخصيّ أكيد!

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

هذا النصّ هو في إطار الجدل بين يسوع وخصومه، الذي كان يدور دومًا حول كيانه العميق، وعلاقته بأبيه (يو8: 19)، الذي يكفل له رسالته؛ والجدل هنا هو في التعارض بين يسوع وبين اليهود: فحيث يمضي، هم لا يقدرون أن يأتوا! إنّهم لا يفهمون، ولا يريدون أن يفهموا! إنّهم لا يؤمنون، ولا يريدون أن يؤمنوا! ذلك كان موقف اليهود، حين كتب الإنجيل الرابع.

 

   الآية (22)

 

يعلن اليهود،  دون أن يدروا، المصير الذي ينتظر يسوع، بقولهم: "أتراه يقتل نفسه؟"، أي أتراه يبذل حياته؟ (يو10: 1-18)؛ كما أعلن قيافا، من دون أن يدري (يو 18: 14)، وكما قال بيلاطس، وهو جالس على كرسيّ القضاء (يو19: 13-14).

 

 

   الآية (24)

 

هنا ذكر لاسم الله في العهد القديم (راجع يو8: 58)؛ قارن (يو6: 35) مع (خر3: 14)؛ نلاحظ وجود "أنا هو" في المطلق، من دون شيء يتبعها، كالقول: "أنا هو خبز الحياة"؛ الإيمان بيسوع حياة، وعدم الإيمان به خطيئة تقود إلى الموت.

 

 

الأب توما مهنّا