الأحد الثالث من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

 

إنجيل يوحنا (14/ 21-27)

 

الرّوح يعلّم

 

 

قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «مَنْ كَانَتْ لَدَيْهِ وَصَايَاي ويَحْفَظُهَا، هُوَ الَّذي يُحِبُّنِي. ومَنْ يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي،

 

وأَنَا أُحِبُّهُ وأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي».

 

قَالَ لَهُ يَهُوذَا، لا ذَاكَ الإِسْخَريُوطِيّ: «يَا رَبّ، مَاذَا جَرَى حَتَّى تُظْهِرَ ذَاتَك لَنَا، لا لِلعَالَم؟».

 

أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «مَنْ يُحِبُّنِي يَحْفَظُ كَلِمَتِي، وأَبِي يُحِبُّهُ وإِلَيْهِ نَأْتِي، وعِنْدَهُ نَجْعَلُ لَنَا مَنْزِلاً.

 

مَنْ لا يُحِبُّنِي لا يَحْفَظُ كَلِمَتِي. والكَلِمَةُ الَّتِي تَسْمَعُونَهَا لَيْسَتْ كَلِمَتِي، بَلْ كَلِمَةُ الآبِ الَّذي أَرْسَلَنِي.

 

كَلَّمْتُكُم بِهذَا، وأَنَا مُقِيمٌ عِنْدَكُم.

 

لكِنَّ البَرَقْلِيط، الرُّوحَ القُدُس، الَّذي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِٱسْمِي، هُوَ يُعَلِّمُكُم كُلَّ شَيء، ويُذَكِّرُكُم بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ

 

لَكُم.

 

أَلسَّلامَ أَسْتَودِعُكُم، سَلامِي أُعْطِيكُم. لا كَمَا يُعْطِيهِ العَالَمُ أَنَا أُعْطِيكُم. لا يَضْطَرِبْ قَلْبُكُم ولا يَخَفْ!

 

 

 

تأمل: (لمزيد من الإستنارة الروحيّة قراءته طوال الأسبوع بتمهّل).

 

 

"مَن تَلَقَّى وَصايايَ وحَفِظَها فذاكَ الَّذي يُحِبُّني والَّذي يُحِبُّني يُحِبُّه أَبي وأَنا أَيضاً أُحِبُّه فأُظهِرُ لَهُ نَفْسي". هذه الآية تشكّل القسم الأخير من جواب يسوع لفيليبّس: "أرنا الآب وحسبنا" (14، 8). وهذه العبارة تعيدنا الى العهد القديم، إلى سفر الخروج حيث طلب موسى معاينة مجد الرّب قائلاً: "أرني مجدك" (خر 33، 18)، فكان جواب الله له بأن "لا أحد يستطيع أن يعاين الله ويحيا" (33، 20) فالله الّذي يحيا في النّور الّذي لا يمكن الوصول اليه (1طيم 6، 16) و"الّذي لم يبصره أحد" (1يو 4، 12) لا يمكن أن يُعاين فقط على ضوء العقل والمعرفة الحسيّة.

 

في هذه الآية نجد الرّب يُعلن للتلاميذ أنّهم قادرون على معاينة الله، لأنّ الرّب ذاته يُظهر لهم نفسه. شرط المعاينة هي ليست الرّغبة في المعرفة، في اللّمس والفهم والإدراك، بل إنَّ الشرط الوحيد هو الدخول في علاقة حبّ مع الرّب. فقط من يحبّ الله يمكنه أن يُعاين الله، لأنّ الله محبّة ومن يحيا المحبّة يشترك بالنِعمة، لا بالطبيعة، في جوهر الله نفسه.

 

العلامة الحسيّة لهذه المحبّة هي في عيش الوصايا. محبّة الإنسان لله ليست محبّة نظريّة، بل محبّة عمليّة، هي في أن نحيا في حياتنا وصايا الرَّبّ يسوع، والوصيّة التي أعطاها كخلاصة الوصايا والتعاليم هي وصيّة المحبّة. محبّة الإنسان لأخيه الإنسان هي التأكيد الذي يقدّمه الإنسان لله بأنّه يؤمن به، فالإيمان بالمسيح يستوجب قبول قناعته والعمل بمنطقه والتكرّس الكامل لحمل بشارته من خلال عيش المحبّة الشّاملة. 

 

ومن يحبّ المسيح يحبُّه الآب ويُظهر له نفسه. إنّ هذه الآية تأتي كجواب لطلب موسى بأن يُعاين الله، ولطلب التلاميذ بأن يعاينوا هم أيضاً ليؤمنوا. ويظهر أيضاً الإختلاف بين المنطق البشريّ والمنطق الإلهيّ: الإنسان يطلب أن يرى ليؤمن، والرّب يطلب الإيمان لإظهار ذاته. فحين يطلب الإنسان المعاينة، لا يضحي للإيمان معنى، لأنّ من يعاين لا يعود بحاجة للإيمان.

 

قالَ له يَهوذا، غَيرُ الإِسخَريوطيّ: "يا ربّ، ما الأَمرُ حتَّى إِنَّكَ تُظِهرُ نَفْسَكَ لَنا ولا تُظهِرُها لِلعالَم؟ أَجابَه يسوع: "إذا أَحَبَّني أَحَد حَفِظَ كلامي فأحَبَّه أَبي ونأتي إِلَيه فنَجعَلُ لَنا عِندَه مُقامًا ومَن لا يُحِبُّني لا يَحفظ كَلامي".

 

يبدو للوهلة الأولى أن لا علاقة بين طلب يهوّذا وجواب يسوع، فالتلميذ يسأل عن هدف حصر إعلان الرّب لنفسه بدائرة التلاميذ الضّيقة في حين هو قادر على الإعتلان للكون بأجمعه في لحظة واحدة كرّبِّ المجد.

 

إذا قرأنا النّص جيّداً نُدرك أنَّ يسوع يعطي التلميذ إجابة مباشرة على تساؤله: إعلان الرّب لذاته لا يبغي إكراه الإنسان والعالم على الإيمان، لأنّ نوعيّة الإيمان عندها تكون لا قيمة لها، فالإيمان يكون عندها مبنيّاً على الخوف، على الدهشة، على التقدير ربّما، إنّما ليس على الحبّ. إعلان الرَّبّ لذاته، أي حلوله في حياة التلميذ، إذ يجعل من حياته "مقاماً إلهيّاً" لا يمكن أن يتمّ دون توفّر الشَّرطَين الّذين يعلنهما يسوع: الحبّ وحفظ الكلام، أي حفظ الوصايا. 

 

الإيمان هو عمل حبّ لا عمل معرفة عقليّة، والحبّ الّذي يدخلنا في المعرفة الإلهيّة يكون السَّبيل إلى المعرفة العقليّة بالقدر الّذي يمكن لعقلنا الوصول إليه. وحفظ الكلام وهو التطبيق العملي للحبّ الإلهيّ، فالوصيّة الجديدة الّتي تشمل الوصايا كلّها هي وصيّة المحبّة، وللوصول إلى أن يتجلّى الله في حياتنا، لا بدّ من عيش هذه الوصيّة، من عيش الحبّ الإلهيّ في حياتنا اليوميّة.

 

حين يقول بولس "نحن بالإيمان مبرّرون" فهو لا يقصد الإيمان النظريّ غير المستند على الأعمال، بل هو الإيمان المبنيّ على الحبّ المثمر، الّذي يتجسّد عمليّاً في حياة التلميذ كلّ يوم مع الآخرين. فإن كان الإيمان هو الإيمان النظريّ، "فالشيطان أيضاً يؤمن ويرتعد" يقول القدّيس يعقوب، لأنّه يعلم أنّ الرّبّ موجود وهو الّذي سوف يضع حدّاً لسلطان الشّر، إنّما الشّيطان لا يحبّ، لذلك لا يمكنه أن يدخل في علاقة مع الرّب رغم إيمانه بوجود الرَّبّ وبقدرته.

 

نوعيّة إيماننا لا بدّ أن تكون مختلفة عن إيمان الشيطان، لا نسعى إلى المعرفة وإلى اليقين، بل نستسلم بين يديّ الله في طاعة الإيمان وثقة الرَّجاء ومن خلال قوّة المحبّة نؤكّد رغبتنا في التّتلمذ للرّب يسوع، عندها يعتلن لنا ويجعل مقامه بيننا.

 

وهذه الكلمات التي يقولها يسوع، يقولها كوسيط بين الآب والعالم، أي أنّه يقولها باسم الآب لأنّه والآب واحد. من خلال إيماننا بيسوع، أي من خلال حبّنا له وعيشنا لوصاياه يمكننا أن "نعاين الله"، لأنّ الله يعلن ذاته لنا، يأتي إلينا ويجعل من حياتنا مقامًا وهيكلا ً مقدّسًا.

 

لماذا لنا لا للعالم؟ يسأل يهوَّذا. هي كلمات تظهر الرّغبة في خلاص العالم كلّه التي ينبغي على التلميذ التحلّي بها. أن أكون تلميذاً للمسيح يعني أن أكون متشوِّقـًا لخلاص الكون كلّه، فمن يلمس رحمة المسيح وحبّه لا يمكنه أن يكون أنانيّاً أو غير مهتمّ بخلاص الإخوة. هذه هي قمّة المحبّة التي يطلبها الرّبّ، أن أسعى الى خلاص الكون كلّه.

 

قد نطلب نحن أيضًا من الرَّبِّ أن يُعلن ذاته شخصيًّا للعالم ليؤمن الجميع بإسمه، نطلب لنوفّر على أنفسنا عناء البشارة والإضطهاد والألم. إنّما الرَّبّ يسوع دعانا واختارنا لنحمل نحن بشارته للعالم، نحن الأداة التي يستمرّ من خلالها عمل الخلاص.

 

ليحصل العالم على الخلاص يجب أن يؤمن، أن يحبّ ويحفظ كلام الرَّب. هي إذاً دعوة شاملة وليست فقط فرديّة. لكي يعلن الله ذاته للعالم ويجعل فيه مقامًا فلا بدَّ للعالم أن يتبنّى منطق المسيح. عالمنا اليوم يحتاج إلى تجليّ الرَّبّ له، يحتاج إلى حلول الله فيه، فهو عالم متألّم، منقسم على ذاته، مملوء حروبًا وبغضًا وشرًّا، يقتل فيه القويّ الضّعيف، هو عالم لا يمكنه أن يقبل رسالة المسيح لأنّه يجد في منطق المسيح ضعفـًا وخنوعًا.

 

عالمنا ينشر منطق العنف ويسعى إلى إيجاد الحلول بقوَّة السِّلاح. هو عالم ينتظر تلميذ المسيح ليرتدّ ويؤمن، ليقبل فيه الله نفسه. حلول الله في العالم يكون حين يعتنق العالم منطق الله، منطق السَّلام والحوار، منطق التضحية، منطق اللاعنف، منطق العدالة واحترام حقوق الشّعوب، منطق احترام الحياة كقيمة مُطلقة منذ لحظة تكوّنها في حشا الأمّ إلى لحظة الموت الطبيعي والإنتقال إلى منزل الآب.

 

والكَلِمَةُ الَّتي تَسمَعونَها لَيسَت كَلِمَتي بل كَلِمَةُ الآبِ الَّذي أرسَلَني.

 

هو يسوع المُرسَل باسم الآب لخلاص العالم، فيه نجد مثالنا كتلاميذ حقيقيِّين، فإن كان معلّمنا مُرسلاً، تكون الرِّسالة دعوتنا أيضًا. لا يحقّ لنا أن نكون تلاميذ خمولين، فدعوتنا الحركة، الإنطلاق للتبشير والإعلان، حتى ولو وصلت بنا البشارة إلى الصَّليب، إلى الألم والإضطهاد، إلى السُّخريّة والهزء. هي كلّها من مستلزمات البشارة، وكلّها تمَّت في حياة المعلّم الإلهيّ.

 

هو أيضًا يسوع الوسيط بين الآب وبيننا، وهي أيضًا دعوتنا أن نكون وسطاء رحمة الله للعالم، أي أن نساهم في إيصال حبّ الله للعالم من خلال أعمالنا وشهادة حياتنا، من خلال الوقوف إلى جانب المظلوم والمتألّم والأكثر فقرًا، من خلال احتضان الشّريد ومرافقة من هو في وحدة، من خلال تحطيم حواجز الخوف التي تسيطر على مجتمعاتنا، الخوف على الصّيت، والخوف من حكم الآخرين علينا، لأنّ القيمة الأعظم التي نفتّش عنها هي خلاص النفوس، وما من هدف يسمو على الهدف هذا.

 

نحن دُعينا لنكون وسطاء بين الله والعالم على مثال المعلّم، الوسيط الأوحد الّذي منه نتعلّم الوساطة، ولو كانت وساطتنا نسبيّة، تشترك في وساطة المعلّم. 

 

قُلتُ لَكُم هذه الأَشياءَ وأَنا مُقيمٌ عِندكم ولكِنَّ المُؤَيِّد، الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم. قلت لكم هذه الأشياء وأنا مقيمٌ عندكم:

 

لا يجب أن ننسى أنَّ الرّب يعلّم تلاميذه في لحظة وداعه لهم، وداع سوف يكون مؤلمًا، مخيفـًا، مشكّكًا، لأنّه سوف يتمّ على الصَّليب. هو يعلم مسبقـًا أنّ إيمان تلاميذه ليس ثابتًا بعد، بل هو إيمان سكران بنشوة المعجزات وبالتعليم الجديد، إيمان لا بدّ أن يُمتَحَن بنار الألم، بنار الخوف، بنار الصَّليب.

 

هو إيمان التلاميذ، إنّما هو إيماننا نحن أيضًا اليوم، نعلن إيماننا بالرّب وتمسّكنا بتعليمه في اللّحظات الحلوة، ونهرب آن يحين موعد الإختبار، حين يكون علينا أن نختار بين ما نؤمن به وما هو سهل علينا.

 

في حياتنا اليوميّة نقف حائرين بين يسوع والعالم، بين طريق يسوع الضيّق وطريق العالم الرّحب، بين يسوع يدعونا إلى الشَّهادة والعالم يقدّم لنا ملذّاته وشهواته وممالكه الفانية. يسوع كان يعلم أن تلاميذه لا يزال إيمانهم غير ثابت، ولا بدّ أنّ يتراجعوا إن هو تركهم.

 

هذه هي التربية الإلهيّة: الرَّبُّ يسوع لا يطلب منّا المعجزات، بل يقودنا رويدًا رويدًا على درب تعليمه، يصبر وينتظر ويساعدنا على النموّ، يغفر سقطاتنا ويساعدنا على النهوض من جديد كما يساعد الآب طفله الّذي يتعلّم المشي، يساعده على النهوض بعد كلّ سقطة، ويُعطيه من جديد الثقة، يتركه يسير، والطفل يعلم أنّ الأب قربه، فلن يصيبه مكروه.

 

الرّب يعلم بضعف التلاميذ، ولذلك لا يتركهم وحيدين، بل يعدهم بالمعلّم الآخر الّذي يرسله الآب باسم يسوع. فالرّب الّذي يحوّل بكلماته هذه تلاميذه إلى رسل الكلمة، يعطيهم ضمانة فعاليّة كلمتهم في العالم: لن يكونوا وحدهم دون معلّم، فالرّوح القدس، روح الله نفسه، والمساوي لله في الجوهر، الّذي ألهم كتّاب التوراة وأنارهم، هو نفسه يلهم التلاميذ ويقودهم.

 

إن الرّوح القدس هو ضمانة استمرار الرّب في حياة الكنيسة، وهو ضمانة صحّة تعليمها اليوم. فالكنيسة لا تعلّم تعليمها الخاصّ، بل تنقل بأمانة تعليم الرّب يسوع.

 

إنّ الرّوح القدس هو ضمانة التعليم الصَّحيح، وهو محرّك الكنيسة في قراراتها وفي تعليمها، وهو الّذي ينير دربها في شرحها للكتاب المقدّس وفي تعليمها العقائديّ والأخلاقيّ. إنّ تعليم الكنيسة لا يقوم على فكر البشر، بل على إلهام الرّوح الّذي يقودها.

 

وعمل الرّوح هذا لا ينحصر في عمل الكنيسة كجماعة، بل هو المعلّم الشخصيّ لكلّ تلميذ، فهو العطيّة التي تركها الرّبُّ لكلّ واحد منّا، نأخذ على ضوئه قراراتنا ونحيا حياتنا المسيحيّة، فبدونه نبقى خائفين، متقلّبين، متردّدين، نسعى إلى الحلول بقوانا الّذاتيّة فلا نصل إلى نتيجة.

 

إنَّ الرّوح هو الّذي يحوّلنا إلى رسلٍ للمسيح، ننشر إنجيله في حياتنا اليوميّة. 

 

والصِّفة الأخرى التي يعطيها الرّب للرّوح هي الرّوح المذكِّر: فالروّح المتمايز عن الإبن من ناحية الأقنوم هو غير منفصل عنه من ناحية الجوهر ولا من ناحية الهدف، وهو لا يعطي تعليمًا جديدًا مختلفـًا عن تعليم يسوع. هو يساعد الكنيسة على معرفة إرادة الرّب في حياتها من خلال إنارة خياراتها وإلهامها التعليم الصّحيح، وهو المذكِّر كنيسة الرّبّ بما قاله وعلّمه وبما فعله حين كان لا يزال يرافقها على الأرض. عمل الكنيسة يذكِّر، أي أنّه يضع دومًا نصب عينيها إرادة الرّب الخلاصيّة، كإستمراريّة لعمل الله لخلاص شعبه.

 

بهذا المعنى يضحي وجودنا المسيحيّ في العالم ذا بعدٍ ثالوثيّ، فالآب شاء ويشاء، والإبن تمّم ويتمّم، والرّوح لا يزال يكمّل مشيئة الآب وعمل الإبن. هو المعزّي الّذي يحقـِّق استمراريّة إرادة الآب وعمل الإبن في حياة الكنيسة، فيوقن التلميذ أنّه ليس وحيدًا يتيمًا في العالم، ويحيا بالرّوح فرح الخلاص بعد ارتفاع الإبن إلى يمين الآب.

 

"السَّلامَ أَستَودِعُكُم وسَلامي أُعْطيكم. لا أعْطي أَنا كما يُعْطي العالَم. فلا تَضْطَرِبْ قُلوبُكم ولا تَفْزَعْ": الميزة الأخرى التي يعطيها الرّب لتلاميذه حول الرّوح القدس هي أنّه روح السَّلام. الرّوح القدس هو سلام المسيح يتركه في هذا العالم.

 

هو السَّلام المختلف، وحده يسوع يقدر أن يهبه، لأنّه سلام الرّوح القدس، السَّلام الإلهيّ الّذي يقدر بقوَّته أن يبدِّل داخل التلاميذ وأن يحوِّل العالم إلى واحة سلام. سلام الأرض هو سلام قائم على العنف، وعلى الحرب وعلى فرض السيطرة، أمّا سلام الرّوح الذي يتركه المسيح في كنيسته فهو سلام المحبّة، سلام التضحيّة، سلام الوداعة، سلام يسعى إلى العدالة الحقـَّة.

 

هو سلام الرّب يرافق كنيسته المُنطلقة إلى مجتمع يرفضها ويضطهدها لأنّها تعلن القيم المختلفة، تعلن قيم الرّبّ وتزرع في العالم ثمار الرّوح القدس.

 

 

 

الأب بيار نجم ر.م.م.