الأربعاء الثاني بعد عيد ارتفاع الصليب «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (متّى 12/ 29-32)

 

 

 

 

29 قال الرّبّ يسوع: "كيف يقدر أحدٌ أن يدخل بيت القويّ وينهب أمتعته، إن لم يربط القويّ أوّلاً، وحينئذٍ ينهب بيته؟

 

30 من ليس معي فهو عليّ. ومن لا يجمع معي فهو يبدّد.

 

31 لذلك أقول لكم: كلّ خطيئةٍ ستغفر للنّاس، وكلّ تجديف، أمّا التّجديف على الروح فلن يغفر.

 

32 من قال كلمةً على ابن الإنسان سيغفر له. أمّا من قال على الرّوح القدس فلن يغفر له، لا في هذا الدّهر، ولا في الآتي".

 

 

 

 

أوّلًا  قراءتي للنصّ

 

 

الآية (30)

 

 

يمكننا، انطلاقًا من هذه الآية، ومن الآية الموازية لها والمتساوية معها، في لوقا (11/ 23)، أن نتصوّر التصنيف التالي للناس، في مواقفهم من يسوع بالذات، وتأثير ذلك على موقف التلاميذ، وبالتالي الكنيسة، منهم؛ النصّ الواحد للآيتين المذكورتين هو التالي: "من ليس معي فهو عليّ، ومن لا يجمع معي فهو يبدّد".

 

 

من الواضح أنّ يسوع، بصفته المخلّص الوحيد، يطلب من الإنسان، من كلّ إنسان، إذا ما أراد أن يتحرّر من شرّ هذا العالم، ويحصل على الخلاص، أن يقبله وأن يؤمن به؛ أن يعيش بموجب إيمانه هذا، وأن يكون مع الرّبّ حيث هو؛ وأخيرًا، أن يحمل الآخرين الذين يلتقي بهم في هذا العالم، وذلك بحياته، بأقواله وأفعاله، على مشاركته في هذا الخيار المصيريّ الوحيد.

 

 

فالذين أقدموا على هذا الخيار، أقلّه اجتماعيًّا أو قانونيًّا (مر 9/ 40؛ لو 9/ 50)، أفرادًا كانوا أم جماعات كنسيّة، هم واحد في المسيح، وبالتالي، في الكنيسة التي هو رأسها، والتي تقاس أصالتها الكنسيّة بمقدار احتضانها لكلّ هؤلاء، واقتيادهم لهم جميعًا، باسم يسوع وبقوّة الروح القدس الحالّ فيها، نحو القداسة على طريق التوبة المستمرّة.

 

 

أمّا الذين لم يقدموا على هذا الخيار، فليسوا مع المسيح، ولا يجمعون معه، بل هم عليه وضدّه، بالضرورة، إذ لا موقف حياد بالنسبة إليه؛ إنّهم من هذا العالم الشرّير، الرافض للخلاص، والناقض له؛ إلى هؤلاء تتوجّه الدعوة، بكلّ قوّتها، ليتنبّهوا، قبل فوات الأوان، ويلوذوا بالخيار المصيريّ الذي به، وحده، يجدون نفوسهم.

 

 

الآيتان (31-32)

 

لم ترد هاتان الآيتان في النصّ الموازي في لوقا (11/ 14-23)؛ يمكن أن نعتبر الشّرح الذي جاء، في "الترجمة اللّيتورجيّة" للآية (متّى 12/ 24)، شردًا لها، وهذا نصّه: كلّ ما كان يعمله يسوع بروح الله القدّوس، نسبه الفرّيسيّون إلى روح الشرّ، بعل زبول؛ فكان هذا منتهى الكفر، نقيض ملكوت الله الذي شرع يسوع يحقـِّقه؛ لذلك، يعتبره يسوع تجديفـًا على الرّوح القدس، خطيئةً لا تغفر؛ إذًا، يخطأ ضدّ الرّوح القدس من يرى الرّوح القدس في أقوال يسوع وأعماله، فلا ينسبها إليه، بل ينسبها إلى الرّوح الشرّير، ويخطأ أيضًا ضدّ الرّوح القدس من يجحد إيمانه (عب 6/ 4-6)؛ ويخطأ، بطريقة عامّة، ضدّ الرّوح القدس، من يحكم بعين مغرضة، فيرى خيرًا في أعمال ناقصة، ولكنّها صادرة عن صديق؛ ويرى شرًّا في أعمال خيّرة، ولكنّها صادرةً عن غير صديق.

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 

الرجل القويّ (29)

 

دلّ على إبليس (القويّ)؛ لكنّ يسوع قد واجهه وهاجمه (متّى 4/ 1-11)، وجعل ذاك القويّ لا يقوى على شيء.

 

 

معي...عليّ (30)

 

يعمل المؤمن مع يسوع؛ وإلاّ كان معه في عداء.

 

 

 

 

الأب توما مهنّا