الأربعاء الرابع عشر من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم ( لو 16/ 1-8)

 

 

1 قال يسوع أيضًا لتلاميذه: "كان رجلٌ غنيٌّ له وكيل. فوشي به إليه أنّه يبدّد مقتنياته.

 

2 فدعاه وقال له: ما هذا الّذي أسمعه عنك؟ أدّ حساب وكالتك، فلا يمكنك بعد اليوم أن تكون وكيلاً.

 

3 فقال الوكيل في نفسه: ماذا أفعل؟ لأنّ سيّدي ينزع عنّي الوكالة، وأنا لا أقوى على الفلاحة، وأخجل أن أستعطي!

 

4 قد عرفت ماذا أفعل، حتّى إذا عزلت من الوكالة يقبلني النّاس في بيوتهم.

 

5 فدعا مديوني سيّده واحدًا فواحدًا وقال للأوّل: كم عليك لسيّدي؟

 

6 فقال: مئة برميلٍ من الزّيت. قال له الوكيل: إليك صكّك! اجلس حالاً واكتب: خمسين.

 

7 ثّم قال لآخر: وأنت، كم عليك؟ فقال: مئة كيسٍ من القمح. فقال له الوكيل: إليك صكّك! واكتب: ثمانين.

 

8 فمدح السّيّد الوكيل الخائن، لأنّه تصرّف بحكمة. فإنّ أبناء هذا الدّهر أكثر حكمةً من أبناء النّور في تعاملهم مع جيلهم.

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 مضمون المثل.

 

تلقّى رجل غنّي لديه وكيل وشايةً ضدّ هذا الوكيل، مفادها أنّه يبدّد مقتنيات سيّده، فدعاه سيّده لتأدية الحساب، وللصّرف من الوكالة؛ ما أن انتهت المقابلة، حتّى رجع الوكيل إلى ذاته، ووعى أنّه في مأزق كبير، وتساءل: كيف يمكنني أن أتدبّر اموري بعد الصرف من الوكالة؟

 

فهل أؤمّن عيشي بعمل يديّ ( بالزراعة)، أم باللّجوء إلى الآخرين ( بالاستعطاء)؟ لا قدرة لي على ذاك، ولا هذا لائق بي! إذًا، لا بدّ من طريقة للخروج من المأزق؛ فوجد هذه الطريقة بحكمة وبعد التفكير، هي: أدعو مديوني سيّدي الآن، وأحسم لكلٍّ منهم قسمًا من دينه، فيصبح جميعهم أصدقائي، ويقبلونني، بعد عزلي، في بيوتهم.

 

 

 

 يقول المثل هنا، إنّ الرجل الغنيّ مدح الوكيل الخائن، لأنّه تصرّف بحكمة؛ كيف نشرح هذا المديح للوكيل الذي لا يزال النصّ يصفه، حتّى هنا في امجال المديح، بالخانن؟

 

وما هو الموضوع الحقيقيّ لهذا المديح؟

 

وهل فيه تبرير للتّصرّف كتصرّف ( لأنّه تصرّف بحكمة)، أم للتّصرّف مع الحسومات التي تناولها (وهي بلا قاعدة على ما يظهر، إذ جاء الحسم 50% في الزيت، و20% في القمح)؟ قد يقبل هذا الشرح الأخير في إطار تقليد مألوف حول عمل الوكالة، يقضي بأن يحصّل الوكيل أجره من المعاملات...، فتكون الحسومات، في هذه الحال، هي الحصّة المتوجّبة له، وقد تنازل عنها لمديوني سيّده، واستبدلها بصداقتهم ( وهذا أيضًا حكمة).

 

 

 لكنّ الربّ، الذي يتوجّه، بهذا المثل، إلى تلاميذه، يتوخّى من وصف كيفيّة تصرّف الوكيل الخائن بحكمة وباستنباط الوسائل المخرجة من المأزق، وهو من هذا الدهر، جعل هذا التصرّف، بحدّ ذاته، قدوةً ومثالاً، وحمل تلاميذه، وهم من أبناء النور، على ألاّ يتصرفوا بأقلّ حكمة وبراعة في معاملاتهم مع جيلهم.

 

 

 

  يشير الشرح المعطى في "الترجمة اللّيتورجيّة" إلى مثل هذه النتيجة: مدح السيّد وكيله، لا على خيانته، بل على تصرّفه الحكيم ليخلص من مأزق صعب؛ على أبناء النور أن يتصرّفوا بحكمة أكثر من أبناء هذا الدهر في جيلهم.

 

ثانيًا  "قراءة رعائّية"

 

 

 

إذا ربطنا هذا المثل مع 15/ 1-29 نفهم أنّنا أمام أكثر من نظرة أخلاقيّة حول اللّباقة والسرعة في أخذ القرار، كما فعل هذا الوكيل، ونقبل أن يشبّه الله حتّى بقاضٍ غير عادل ( 18/ 1-8).

 

وهناك أيضًا خطّ آخر يعتبر أنّ هذا الوكيل "المبذّر"، لا "الخائن"، هو يسوع المسيح، الذي يهتمّ بالمديونين (الخطأة)، فيعاملهم بالرحمة مرّة أولى ومرّة ثانية، ويكسب صداقتهم، فيستقبلونه في قلوبهم بعد أن رحمهم وعفاهم من دينهم (4).

 

 إذن، السيّد هو اللّه؛ وكيله الخائن، حرفيًّا "وكيل اللاّ برّ"، هو يسوع المسيح الذي لا يمتلك برّ الكتبة والفرّيسيّين؛ نحن إذن، أمام فطنة يسوع وحكمته، وعلى أبناء النور، أي المؤمنين، أن يتصرّفوا مثله.  

 

 

الأب توما مهنّا