الأربعاء العاشر من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل  ( متّى ٢٣/ ٢٣-٢٦)

 

 

٢٣ قالَ الرَّبُّ يَسوع: "الوَيلُ لكم، أيُّها الكَتَبَةُ والفرِّيسيّونَ المُراؤون! لأنَّكُم تُؤَدّون عُشورَ النَّعنَعِ والشّومارِ والكَمّون، وقد أهمَلتُم أهَمَّ ما في التَّوراة، أي العدل والرَّحمَةَ والأمانَة. وكانَ عَليكُم أن تَعمَلوا بهذِهِ ولا تُهمِلوا تِلكَ.

 

٢٤ أيُّها القادَةُ العُميان! إنَّكُم تُصَفّونَ الماءَ مِنَ البعوضَة، ولكِنَّكُم تبلَعونَ الجَمَل!

 

٢٥ الوَيلُ لَكُم، أيُّها الكَتَبَةُ والفرِّيسيّون المراؤون! لأنَّكُم تُطَهِّرونَ خارِجَ الكأسِ والإناء، وداخِلُهُما مَملوءٌ بما كَسِبتُم بالنّهبِ والطَّمَع.

 

٢٦ يا فرِّيسيًّا أعمى! طَهِّر داخِلَ الكأسِ أوّلًا، ليصيرَ خارِجُها أيضًا طاهِرًا.

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنّصّ

 

 

 يتوجّه يسوع "بالويل" (الرابع) إلى الكتبة والفرّيسيّين، معيدًا إليهم وصفهم الأعمّ، بالمرائين، لأنّهم يتقيّدون بشرائع، في التوراة، أقّل أهّميّة، كتعشير غلّة الأرض، مع إضاقة أعشاب أخرى عليها، ضئيلة الثمن والقيمة؛ ويهملون شرائع أخرى، في التوراة نفسها، أكثر أهمّيّة، كشريعة العدل والرحمة والأمانة

(راجع تث ١٤ /٢٢-٤٦)؛ ولأنّهم عميان، يرون النقص الصغير (البعوضة)، في الخارج، كبيرًا، ولا يرون النقص الكبير (الجمل) فيهم وفي داخلهم.

 

 

 الآيتان ( ٢٥-٢٦)

 

 يتوجّه يسوع "بالويل" (الخامس) إلى الكتبة والفرّيسيّين، ناعتًا إيّاهم أيضًا بالمرائين، لأنّهم يهتمّون بالخارج، فيظهرونه طاهرًا، منقَّى من كلّ عيب ومأخذ، ويهملون الداخل، بل يملأونه خطأً بالنهب والطمع؛ فالفرّيسيّ أعمى، لمجرّد كونه لا يقول بالقاعدة التالية، الخارج هو بالنسبة إلى الداخل مرتبط به، وطهارته هي طهارة الداخل عينها، وإلاّ كانت تظاهرًا، وبالتالي، رياءً وكذبًا.

 

 

 

 من هنا، ضرورة تمييز الشعور الباطنيّ بواجب احترام الشريعة، من واجب تتميم هذه الشريعة؛ فقيمة الواجب الثاني تقاس بمقدار ارتباطه بالواجب الأوّل؛ هو الفرق عينه بين تتميم عمل باقتناع وحرّيّة، وبين تتميمه تحت عوامل أخرى، شخصيّة (مصلحة)، أو اجتماعيّة (ضغط).

 

 

 

 

ثانيًا  "قراءة رعائيّة"

 

 

 الآيتان (٢٣-٢٤)

 

 تدلّ شريعة العشر السنويّة على أنّ الله سيّد كلّ شيء، وعلى أنّ تقديم المؤمن العشر ممّا له، يعني تقديم كلّ ما له للّه؛ وسّع الفرّيسيّون موضوع هذه الشريعة، حتّى تناول أعشاب بسيطة كالنعنع، ونسوا العدالة والرحمة والصدق (أو الأمانة)، التي هي فرائض الشريعة الأساسيّة.

 

 

 الآيتان (٢٥-٢٦)

 

 هنا، تعارض بين المظهر الخارجيّ والطهارة الباطنيّة، بين الخارج والداخل؛ فالطهارة لا تعني، كما أرادها الفرّيسيّون، ممارسات طقسيّة عزيزة على قلبهم، بل تعني التخلّص والتحرّر من السرقة والجشع؛ الباطن هو الإنسان على حقيقته، كما يراه اللّه؛ الظاهر هو ما يظهر للناس، من كلّ واحد منّا؛ ونشير، أخيرًا، إلى أنّ التعبير "طهّر داخل الكأس" يعني احفظ شريعة اللّه، كما يفسرّها "الآن" يسوع.

 

 

الأب توما مهنّا