الثلاثاء السابع من زمن القيامة «الإنجيل

 

 

 

 

إنجيل اليوم (يو 12: 26-30)

 

 

 

26 مَن يَخدُمَني فَلْيَتْبَعْني. وحَيثُ أَكونُ أَنا، فَهُناكَ يَكونُ أيضًا خادِمي. مَن يَخدُمْني يُكرِمُهُ الآب.

 

27 نَفْسي الآنَ مُضطَرِبة، فماذا أَقول؟ يا أَبَتِ، نَجِّني مِن هذِهِ السَّاعة؟ ولَكن مِن أجلِ هذا بَلَغتُ إلى هذه السَّاعة!

 

28 يا أَبتِ، مَجِّدِ اسمَكَ". فجاءَ صَوتٌ مِنَ السَّماءِ يَقول: "قَد مَجَّدتُ، وسَأُمَجِّد".

 

29وسَمِعَ الجَمْعُ الحاضِرُ فقالوا: "إِنَّه رَعْد". وقال آخَرونَ: "إِنَّ مَلاكًا خاطَبَهُ".

 

30 أَجابَ يسوع وقالَ: "ما كانَ هذا الصَّوتُ مِن أَجلي، بل مِن أجلِكُم".

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

مَن يتّخذ القرار بخدمة يسوع، عليه أن يتبعه إلى حيث هو، مرورًا بالصليب فالقيامة والمجد، وهناك يخدمه؛ وله أن يتوقّع تكريمًا من الآب.

 

كما لكلّ إنسان "ساعته" المتميّزة بكيفيّاتها، والمختصّة بمصيره ومعنى حياته الزمنيّة، كان ليسوع، وبطريقة خاصّة، فريدة، ومرتبطة بتجسّده الإلهيّ، "ساعته" الحاسمة، التي كان يستحضرها من وقت إلى آخر، ويبدي اضطرابًا من اقترابها، ومِمّا تحمله من آلام وموت...

 

ولقد تجلّى ذلك لديه في صلاته في بستان الزيتون، التي يذكرها الإنجيليّون الإزائيّون (متّى 26: 36-46؛ مر 14: 32-42؛ لو 22: 39-46)، ويترك لنا يوحنّا صدًى لها (في 27-30).تَرافَقَ استحضارُ يسوع "لساعته" بثلاثة: طلبه من الله أن ينجّيه منها، وعيه لارتباطها بتجسّده ومهمّته الخلاصيّة، استسلامه الكامل لإرادة الآب.

 

لذلك نسمع صوتَ يسوع يقول، في موقف أوّل: "يا أبتِ، نجِّني من هذه الساعة!"، وفي موقف ثانٍ: "لكن من أجل هذا بلغتُ إلى هذه الساعة!"، وفي موقف ثالث: "يا أبتِ، مَجِّد اسمكَ".فجاءه صوتٌ من السماء يقول: "قد مجَّدتُ وسأمجّد".

 

 

 

 

نعم، لقد تمجَّدَ الله بحياة يسوع، بتعاليمه وأعماله؛ وسوف يتمجَّد الله أكثر فأكثر بما ينتظر يسوع من آلام وموت وقيامة، وبما ينتظر المؤمنين به من اضطهاد... وسعادة؛ وإذ سمع الحاضرون هذا الصوت، تساءَلوا عمّا هو وعمّا يعني؟

 

فأجابهم يسوع بأنّ هذا الصوت ليس من أجلي ـ لأنّي عارفٌ "بساعتي" وقابلٌ بها بملء إرادتي، بل إنّه من أجلكم، لكي يكون لكم الموقف نفسه من "ساعتكم!".

 

 

   ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

يسوع هو الخادم الذي يبذل نفسه عن الآخرين (مر 10: 45)؛ وتلميذ يسوع هو، بدوره، الخادم الذي يتقاسم معلّمه الموت ثمّ القيامة.

 

كلّما كان يسوع يستحضر "ساعته"، أي اقتراب ما جاء لأجله، كان يعيش اضطرابًا داخليًّا، فيتوجّه إلى الآب، ملتمسًا منه النجاة بطريقة عفويّة وطبيعيّة: "يا أبتِ، نجِّني من هذه الساعة"، ومستسلمًا لإرادته القدّوسة بعد التفكير والتروّي: "ولكن، من أجل هذا بلغتُ إلى هذه الساعة".

 

فجاءه صوت من السماء، رعد (خر 19: 16)، أو ملاك (لو 22: 43)؛ أفهم يسوع الجمعَ الحاضر بأنّ ذلك الصوت ليس لأجله، لأنّه ليس بحاجة إليه، إذ هو متّحد بأبيه، بل هو لأجلكم، لكي يتمجّد الله فيهم.

 

 

 

الأب توما مهنّا