الجمعة الثالثة عشرة من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم (لو 14/ 16-24)

 

 

16 قال الرّبّ يسوع: "رجلٌ صنع عشاءً عظيمًا، ودعا كثيرين.

 

17 وساعة العشاء، أرسل عبده يقول للمدعوّين: تعالوا، فكلُّ شيءٍ مهيّأ!

 

18 فبدأ الجميع يعتذرون على طريقةٍ واحدة. قال له الأوّل: اشتريت حقلاً، وأنا مضطرٌّ أن أذهب لأراه. أسألك أن تعذرني!

 

19 وقال آخر: اشتريت خمسة فدادين، وأنا ذاهب لأجرّبها. أسألك أن تعذرني!

 

20 وقال آخر: تزوّجت امرأةً، ولذلك لا أقدر أن أجيء.

 

21 وعاد العبد وأخبر سيّده بذلك. فغضب ربّ البيت وقال لعبده: اخرج سريعًا إلى ساحات المدينة وشوارعها، وآتِ إلى هنا بالمساكين والمقعدين والعرج والعميان.

 

22 فقال العبد: يا سيّد، لقد نفّذ ما أمرت به، وبقي أيضًا مكان.

 

23 فقال السّيّد للعبد: اخرج إلى الطّرق والسّياجات، وأجبر النّاس على الدّخول، حتّى يمتلئ بيتي.

 

24 فإنّي أقول لكم: لن يذوق عشائي أحدٌ من أولئك المدعوّين!".

 

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 

أصغى يسوع بارتياح إلى ما قاله أحدهم له: "طوبى لمن يأكل خبزًا في ملكوت اللّه" (15)، وأعطاه، والحاضرين المشاركين في الطعام، حيث كان، عند أحد رؤساء الفرّيسيّين، "مثل المدعوّين".

 

 

 "رجل صنع عشاءً عظيمًا..."، ودعا كثيرين إلى المشاركة فيه؛ قبل هؤلاء جميعًا الدعوة، ولكنّهم، عند ساعة العشاء، اعتذر جميعهم عن المجيء إلى العشاء، لأسباب اضطراريّة، مختصّة بشؤون هذه الحياة الزمنيّة كشراء أحدهم حقلاً، وضرورة الذهاب لرؤيته، وكشراء آخر خمسة فدادين من البقر، وضرورة الذهاب لتجربتها، وكزواج أحدهم، وعدم قدرته على المجيء ...؛ ما أن تبلّغ ربُّ البيت خبر الاعتذار هذا، حتّى استاء من مواقف هؤلاء المدعوّين، وغضب، وقرّر في الحال، وبناءً على رفضهم للمشاركة، رفضهم نهائيًّا عن مشاركته في المستفبل: "لن يذوق عشائي أحد من أولئك المدعوّين" (24).

 

 

 وهكذا، صار على ربّ البيت وصاحب العشاء العظيم الحاضر، أن يعالج الأمر، أن يفتّش عن مدعوّين آخرين، ليحلّوا محلّ هؤلاء المتقاعسين، إلى أن يمتلئ البيت من هؤلاء المشاركين الجدد؛ فأمر عبده بالخروج، مرارًا، إلى ساحات المدينة وشوارعها، وإلى الطرق والسياجات، وبدعوة المساكين والمقعدين والعرج والعميان، وبالإلحاح على آخرين يلتقي بهم هنا أو هناك، لكي يأتي هؤلاء وأولئك إلى البيت للمشاركة في العشاء العظيم.

 

 

 من المؤسف أن نلاحظ أوّلاً، أنّ جميع المدعوّين، أي الّذين دعوا سابقًا وقبلوا الدعوة، قد تخلّفوا عن المجيء لأسباب اعتبروها اضطراريّة؛ ومن المؤسف أن نلاحظ ثانيًا، أنّ هؤلاء المدعوّين (أي المؤمنين بيسوع والتابعين له) قد تراجعوا عن اتّباعه، حتّى في الطيّبات (عشاء عظيم)، مع العلم بأنّ الإيمان به  واتّباعه يفرضان الثبات معه في الضيقات، وحتّى الموت؛ ومن المؤسف أن نلاحظ، ثالثًا وأخيرًا، أنّ خطأ هؤلاء لعدم مشاركتهم في الوليمة، ليس متأتيًّا من سوء الأسباب المذكورة، لأنّها في حدّ ذاتها، صالحة وواجبة أخلاقيًّا، بل من عدم تفضيل الدعوة وتلبيتها عمّا سواها ( الأرض والفدادين)، وتفضيل الداعي عن سواه (الزوجة).

 

 

 ويبقى أن نلاحظ أخيرًا، أنّ المدعوّين الجدد، الّذين لبّوا الدعوة، وجاءوا إلى العشاء، هم الذين كانوا، بسبب أوضاعهم الحياتيّة غير المريحة، في حالة انتظار لرحمته تعالى.

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 الآية (18)

 

كان المدعوّون كثيرين (16)؛ لكنّ المثل لا يذكر إلاّ ثلاثة، اعتذر اثنان منهم، وكانت أعذارهما واهية، إذ كان باستطاعتهم تأجيلها إلى وقت لاحق، لتلبية الدعوة ومن أجل الملكوت؛ وأمّا الثالث فتحدّث عن زواجه ولم يعتذر صراحة.

 

 

  الآية (24)

 

دعي اليهود، فرفضوا الدعوة؛ إذن، لن يشاركوا في وليمة الملكوت (راجع لو 13/ 28-29).

 

 

الأب توما مهنّا