الجمعة الخامسة من زمن القيامة «الإنجيل

 

إنجيل اليوم (متّى 18: 18-22)

 

 

18 "الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلُّ ما تَربطونَهُ على الأَرضِ يكونُ مَربوطًا في السَّماء، وكُلُّ ما تَحُلّونَهُ على الأَرضِ يكون محلولًا في السَّماء".

 

19 "وأيضًا أَقولُ لكم: إِنِ اتَّفَقَ اثنانِ مِنكم على الأَرضِ في كلّ شيءٍ يَطلُبَانِهِ، فإنّهُ يكونُ لَهُما مِن لَدُنِ أَبي الَّذي في السَّمَاوات.

 

20 فَحَيثُما اجتَمَعَ اثنانِ أَو ثلاثةٌ بِاسمِي، فهُناكَ أكونُ في وَسطِهِم".

 

21 حينئذٍ دَنا مِنهُ بُطرُسُ وقالَ لَهُ: "يا ربّ، كم مَرَّةً يَخْطَأُ إِلَيَّ أَخي، وَأظَلُّ أَغفِرُ لَه؟ أَإلى سَبعِ مَرَّاتٍ؟".

 

22 قالَ لَهُ يسوع: "لا أَقولُ لكَ: إلى سَبعِ مرَّات، بل إلى سَبعينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّات".

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

الآية (18)

 

كما أعطى يسوع لبطرس سلطان الحلّ والربط بالمعنى التنظيميّ والعقائديّ (16: 19)، كذلك أعطى يسوع  السلطان نفسه للرسل (18:18)، ولخلفائهم، وللكنيسة الباقية على الأرض ما بقي البشر؛ هذا السلطان المعطى من السماء يمارس على الأرض، وأحكامه نافذة على الأرض وفي السماء!

 

 

 

الآيتان (19-20)

 

 

نحن في أجواء العالم الجديد، عالم الخلاص، عالم الملكوت! تأتينا هذه الأجواء من المصالحة الشاملة والنّهائيّة التي أتمّها الربّ يسوع، بمعناه الخلاصيّ، بين الله الآب والإنسان، ولا يزال، بحضوره السرّيّ وبروحه، يعمل في الكنيسة على توفير وعي هذه المصالحة من قبل كلّ إنسان، لكي ينقاد إلى قبولها والالتزام بها في حياته الزمنيّة هذه؛ من هنا، وَعْدُ يسوع كلّ اثنَين متّفقَين على طلب شيء، بالحصول على هذا الشيء، من قِبَل الله الآب بالذات (19)؛ ووعْدُه أيضًا للمجتمعين باسمه بالانضمام إليهم ومشاركتهم في اجتماعهم.

 

 

 

الآيتان (21-22)

 

 

إنَّ أجواء العالم الجديد، أجواء المصالحة والأخوّة الحقيقيّة، ليست هي السائدة في عالمنا الزمنيّ هذا لأنّ أسباب الخلاف وعدم المصالحة متوفّرة بكثرة، على كلّ الأصعدة وفي كلّ المجالات؛ ونحن، في أجواء الخلاف هذه، نتعرّض دومًا للخطأ ونخطئ؛ لذلك فحياتنا على هذه الأرض هي حياة توبة دائمة، نعيشها بمبادرة متبادلة، نطلب بها من بعضنا البعض الغفران، وبتجاوب متبادل على هذه المبادرة، نغفر بعضُنا لِبعض من دون حدود وقيود.

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

الآية (19)

 

هنا تشديد على الصلاة الجماعيّة التي تتمّ داخل الكنيسة، وليس تلك التي تتمّ في الجماعات الصغيرة المفتَّتة، كما يقول بعضُهُم؛ وهنا أيضًا، تشديد على كلّ عمل جماعيّ سواء كان الإصلاح الأخويّ (15-17)، أو التسامح بين الأخوة (21).

 

 

على التلاميذ أن يتقبّلوا بعضُهُم بعضًا، وأن يغفروا بعضُهُم لِبعض، على مثال الآب السماويّ الذي يتقبّلهم ويغفر لهم رغم ضعفهم وخياناتهم؛ عليهم أن يغفروا، لا سبع مرّات، كما جاء في سؤال بطرس، وبالرغم من أنّ مثل هذا العمل يعتبر عملًا بطوليًّا، (لأنّ الرقم 7 هو رقم الكمال)، بل سبعين مرّة سبع مرّات، كما جاء في جواب يسوع، أي غفرانًا من دون حدود؛ علينا إذن أن نغفر كما يغفر الله مهما كان تصرّف الأخ بعد نوال الغفران.

 

 

موضوع الغفران مهمّ جدًّا في متّى ( راجع 6: 12-14؛ 9: 5-6؛ 12: 31-32؛ 18: 21-27، 31؛ 26: 28).

 

 

الأب توما مهّنا