الجمعة الرابعة عشرة من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم  ( لو 16/ 13-17)

 

 

13 لا يقدر عبدٌ أن يعبد ربّين. فإمّا يبغض الواحد ويحبّ الآخر، أو يلازم الواحد ويرذل الآخر. لا تقدرون أن تعبدوا الله والمال".

 

14 وكان الفرّيسيّون، وهم محبّون للمال، يسمعون هذا كلّه، ويتهكّمون عليه.

 

15 فقال لهم: "أنتم تتظاهرون بالبرّ أمام النّاس، ولكنّ الله يعرف قلوبكم لأنّ الرّفيع عند النّاس هو رجاسةٌ أمام الله.

 

16 دامت التّوراة والأنبياء حتّى يوحنّا. ومن ذلك الحين يبشرّ بملكوت الله، وكلّ إنسان يغصب نفسه ليدخله.

 

17 ولكن لأسهل أن تزول السّماء والأرض من أن تسقط نقطةٌ واحدةٌ من التّوراة.

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

الآيات ( 13-15)

 

لدى كلّ إنسان حاجة إلى أن يعبد الله الذي تصوّره في تفكيره، وجسّده في أشكال متنوّعة عبر التاريخ، والذي تعرّف عليه في الكتب المقدّسة، وفي الأديان الوضعيّة؛ ولكنّ الله، في تفكير الإنسان وتجسيداته له، وفي معرفته له بالكتب المقدّسة على اختلافها، ما زال غائبًا، بعيدًا، غير محسوس؛ إنّه، في كلّ الأحوال، من عالم آخر غير عالم الإنسان الحاضر؛ لذلك، انقاد الإنسان، ولا يزال منفادًا، بالفعل أقلّه، إن لم يكن بالنظر أيضًا، إلى استبدال الله بالمال أو بما يثمّن بمال، بالخير المتوفّر في هذه الحياة الدنيا، الذي يتيح لصاحبه لا تلبية حاجة العيش والرفاهيّة فحسب، بل تلبية باقي الحاجات لديه، وبخاصّة حاجة التسلّط والسيطرة على العالم وعلى الآخرين.

 

صاحب المال، هو بماله ، منازع الله الأكبر في السيطرة على العالم؛ فيتنصّب لديه المال وكأنّه إله، فينشغل به، ويسعى إليه، ويتمسّك به إذا ما اقتناه، وهكذا يتحوّل، شيئًا فشيئًا، إلى متعبّد له، فاقدًا الحاجة إلى الله، وبالتالي إلى التعبّد الحقيقيّ والواجب له؛ وضع الفرّيسيّين الّذين كانوا محبّين للمال، والذين تهكّموا الربّ على كلامه، يثبت هذه الحقيقة: إذ حجبت معرفة الله عنهم، وتعطّل إيمانهم، وأصبح برّهم تظاهرًا أمام الناس، ورجاسةً أمام الله.

 

 

 

الآيتان ( 16-17)

 

 

يمكن إدخال الوارد في هاتين الآيتين في إطار الوارد في الآيات السابقة ( 13-15): نرانا أوّلاً، أمام تنبيه يدعونا إلى وعي الحقيقة التالية: لا يعتقدنّ إنسان أنّ ما كان يتناول الله ويختصّ به في زمن الخلاص السابق ليوحنّا المعمدان (التوراة والأنبياء)، هو للزّوال، بل إنّه للبقاء، إذ "أسهل أن تزول السماء والأرض من أن تسقط نقطة واحدة من التوراة"؛ ونرانا ثانيًا، أمام تنبيه آخر يدعونا إلى وعي الحقيقة الثانية التالية: لا يعتقدنّ إنسان أنّ الاختيار الأفضل الذي يتناول الله في زمن الخلاص الجديد، بيسوع المسيح، والاّحق ليوحنّا، والمحقّق للزّمن السابق والمكمّل له، يمكن أن يتمّ من دون أن يغصب الإنسان نفسه، ويتحكّم بما فيه وحوله، بما فيه وحوله، ويميل به إلى ما ليس الله.

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

  الآية (13)

 

تجاه الله، المال إله كاذب؛ هو صنم يتعبّد له الإنسان.

 

 

الآية (16)

 

يوحنّا هو العهد القديم ( لو 3/ 20)؛ مع يسوع، بدأ العهد الجديد وملكوت الله؛ والإنسان يدعى إلى الاجتهاد للدّخول إلى هذا الملكوت.

 

 

   الآية (17)

 

المقصود هنا، التشديد على دوام الشريعة بقيمتها ككلام الله ( 24/ 27، 44)، لا على ممارستها اليوميّة التي تعدّاها الزمن.

 

 

الأب توما مهنّا