الجمعة السابعة بعد عيد ارتفاع الصليب «الإنجيل

 

 

 

 

 

إنجيل اليوم (متّى 21/ 28 ـ 32)

 

 

 

28 قال الربّ يسوع: "ما رأيكم؟ كان لرجل ولدان. فدنا من الأوّل وقال: يا ولدي، اذهب اليوم واعمل في الكرم.

 

29 فأجاب وقال: لا أريد! وبعد ذلك ندم وذهب.

 

30 ثمّ دنا من الثاني، وقال له ما قال للأوّل. فأجاب وقال: أنا ذاهب، سيّدي! ولم يذهب.

 

31 فأيّ الاثنين عمل مشيئة الأب؟ قالوا: "الأوّل". قال لهم يسوع: الحقّ أقول لكم: إنّ العشّارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله.

 

32 فقد جاءكم يوحنّا يسلك طريق البرّ، ولم تؤمنوا به. أمّا العشّارون والزواني فآمنوا به. وأنتم رأيتم ذلك ولم تندموا ولو متأخرّين، لتؤمنوا به".

 

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

أعطي لنصّ إنجيل هذا اليوم العنوان التالي "مَثَل الابنَين"، وذلك في "الترجمة الليتورجيّة"، وفي "إونجليون"، وفي "قراءة رعائيّة"؛ يتفرّد متّى بهذا المثل وبتطبيقه الذي يختصر بما يلي: يحلّ الرّسل والكنيسة من كلّ الشعوب، محلّ الشّعب القديم، لأنّ هذا الأخير لم يعمل مشيئة الآب.

 

 

 

نرى أنّ الرّجل (الأب) الذي له ولدان، قد قام بالتصرّف نفسه تجاه كلّ منهما، فساوى بينهما مساواة كاملة، من حيث البنوّة، ومن حيث صورة الطلب، ومن حيث نوع العمل: "دنا من الأوّل وقال: يا ولدي، اذهب اليوم واعمل في الكرم" (28)، ثمّ "دنا من الثاني، وقال له ما قال للأوّل" (30)؛ أضف إلى ذلك أنّ الأب قد أمر (اذهب ... واعمل) كلًّا من ولَدَيه، على حدة، محترمًا ذاتيّته وشخصيّته، بأن يذهب اليوم، أي في الوقت المناسب، ويعمل في الكرم، أي في الحقل الخاصّ بهم، في هذا الكون الطبيعيّ، حيث مجالات عمل الإنسان، لكي يؤنسن هذه المجالات، لكي يجعلها في خدمة الإنسان، وأكثر فائدة له! إذن، هناك أمر بالعمل المناسب في مجالات هذه الدنيا.

 

 

 

 جاء جواب الولد الأوّل على أمر والده بالرفض: "لا أريد"، بينما جاء جواب الثاني بالقبول: "أنا ذاهب، سيّدي"، لكنّ هذا وذاك من الجوابين بقي ناقصًا، لأنّه جواب على الجزء الأوّل من أمر الوالد: "اذهب"، وليس على الجزء الثاني منه: "واعمل في الكرم"، لذلك، يفيدنا النصّ بأنّ الولد الأوّل الذي أعلَنَ عن رفضه للأمر، عاد فندم وذهب إلى الكرم ليعمل فيه، وبأنّ الولد الثاني الذي أعلَنَ عن قبوله للأمر، لم يذهب ولم ينفّذ ما أعلن عنه؛ على هذا المستوى، يمكن أن نستخلص أمثولتين، الأولى: كلّ من الولَدَين قد أخطأ، أخطأ الأوّل في جوابه (لا أريد)، وأخطأ الثاني في عدم تنفيذه لجوابه (أنا ذاهب)؛ كلّ عمل لدى الإنسان لا يتمّ كاملًا إلّا بالقرار المبرَّر، وبالتنفيذ الذي يثبت جدّية القرار وصدقه؛ والثانية: الولد الأوّل هو صورة عن الإنسان غير المؤمن دينيًّا (لا أريد)، ولكنّه مستقيم أخلاقيًا (وذهب)؛ والولد الثاني صورة عن المؤمن، ولكنّ إيمانه غير فاعل في حياته، من دون أعمال.

 

 

 

 

التطبيق

 

بعد عرض المثل، توجّه يسوع إلى الأحبار والكتبة وشيوخ الشّعب، الذين كان في جدال معهم حول الموضوع المطروح في السّؤال التالي: "بأيّ سلطان تفعل هذا؟" (متّى 21/ 23 ـ 27)، توجّه إليهم بالسّؤال التالي: "ما رأيكم؟ (28)، فأيّ الاثنين عمل مشيئة الأب؟"، قالوا: "الأوّل" (31)؛ عندئذٍ انتقل يسوع إلى التطبيق، قال: الولد الأوّل يمثّل العشّارين والزناة" الذين عرفوا أن يصغوا إلى بشارة يوحنّا الذي جاء يسلك طريق البرّ، وأن يؤمنوا به، ويقتدوا بحياته؛ والولد الثاني يمثلّكم، أنتم الذين رأيتم يوحنّا وتلاميذه، وسمعتم بشارته، ولم تؤمنوا، لا به، ولا بالذي سبق وبشّركم بمجيئه، عندما رأيتم أعماله وسمعتم تعليمه، فلم تعرفوا أن تندموا، ولو متأخّرين، على موقفكم الرّافض، وأن تؤمنوا بالذي بشّركم بقدومه؛ لذلك، سبقكم العشّارون والزناة إلى ملكوت الله.

 

 

 

ثانيًا قراءة رعائية

 

 في هذا المثل، مقابلة بين "قال" وبين "عمل" (متّى 7/ 21): الخطأة رفضوا، قالوا لا، ولكنّهم، لمّا رأوا، ندموا أي عملوا؛ أمّا الأحبار والشيوخ فقد اعتبروا نفوسهم أبرارًا (قالوا نعم)، ولكنّهم ما ذهبوا ليستنيروا (ما عملوا)، فدلّوا على عماهم.

 

بقولهم: "الأوّل"، حكم الرؤساء على نفوسهم، فسبقهم العشّارون والزواني إلى الملكوت.

 

 

 لم يتعلّم الرؤساء من ندامة الخطأة وتوبتهم، ليتوبوا، ولو متأخرّين ويؤمنوا.

 

 

 

 

                                                            الأب توما مهنّا