الجمعة العاشرة من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم  (لو ١٢ /٦-٩)

 

 

٦ قالَ الرَّبُّ يسوع: "ألاّ تُباعُ خمسةُ عصافير بفلسين، وواحدٌ منها لا يُنسى أمام اللّه؟

 

٧ إنَّ شعر رأسكم كُلَّهُ معدود، فلا تخافوا! إنَّكم أفضل من عصافير كثيرة.

 

٨ وأقول لكم: كُلُّ مَنِ اعتَرَفَ بي أمامَ النّاس، يَعترِفُ به ابن الإنسان أمامَ ملائِكَةِ اللّه.

 

٩ ومَن أنكرني أمَامَ النّاس، يُنكَرُ أمامَ ملائِكَةِ اللّه".

 

 

أوّلاً قراءتي للنّصّ

 

 

الآيتان (٦-٧)

 

 "لا تخافوا" (٧) في هذه  الدنيا، يقول يسوع لتلاميذه، لأنّ اللّه الذي يعتني، حتّى بكلّ واحد من العصافير التي لا ثمن معتبر لها، وبالتّالي العديمة القيمة، هو يعتني بكم، إذ إنّكم بنظره أفضل من عصافير كثيرة؛ وعنايته هذه بكم، تطال حتّى شعر رأسكم فتحصيه، ولا تسقط منه شعرة واحدة من دون إرادته الإلهيّة.

 

    الآيتان ( ٨-٩)

 

 "ولا تخافوا" (٧) في الحياة الأخرى، يتابع يسوع كلامه لتلاميذه، لأنّ اللّه، هو ابن الإنسان بالذات، وهو سيعترف، في عالم الملكوت، بكلّ مَن يكون قد آمن به في هذه الدنيا، واعترف به علنًا أمام الناس؛ أمّا الذي لا يؤمن بيسوع، وينكره أمام الناس في هذه الدنيا، فذاك سوف ينكر في عالم الملكوت.

 

  نحن إذن، أمام فكرتين أساسيّتين في هذا النصّ. فكرة حضور اللّه الخالق معنا، بعنايته، في هذه الدنيا، وفكرة موقفه منّا في الحياة الأخرى، المتساوي مع موقفنا منه في هذه الدنيا.

 

  حول الفكرة الأولى، نقول إنّ اللّه الذي خلق هذا الكون، لا يزال حاضرًا فيه بعنايته الإلهيّة، وبالقوانين التي هي في أساس تنظيمه وتطوّره اللّامتناهي؛ ونقول إنّ اللّه، الذي خلّص الإنسان الخاطئ وخلّص هذا الكون، لا يزال حاضرًا فيه بالروح القدس الذي يتابع تحقيق الخلاص في الكنيسة التي أسّسها الربّ، والتي لن تقوى عليها أبواب الجحيم.

 

وحول الفكرة الثانية، نقول إنّ اعتراف اللّه بإنسانٍ انتقل من هذه الدنيا إلى السميا، مشروط باعتراف هذا الإنسان به أمام الناس، وفي دنياه؛ هذا الاعتراف يمكن أن يتمّ بالقول أو بالفعل، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.  يتمّ اعتراف الإنسان بالقول باللّه عندما يجاهر بإيمانه به، مهما كانت النتائج؛ ويتمّ هذا الاعتراف بالفعل، إذا ما عاش المؤمن وفق إيمانه؛ ويتمّ بطريقة مباشرة، إذا ما فتّش الإنسان عن يسوع المخلّص، وأخذ به ؛ ويتمّ أخيرًا بطريقة غير مباشرة، إذا أصغى المؤمن إلى صوت ضميره المستنير بالإيمان، وجعله القاعدة الوحيدة والمرجع، لأقواله وأفعاله.

 

 

 

 

 

 

ثانيًا  "قراءة رعائيّة"

 

 

الآيتان (٦-٧)

 

 اللّه الذي يهتمّ بعصافير لا قيمة لها، يهتمّ بالمؤمنين به، ولا ينساهم وقت الاضطهاد؛ يهتّم حتّى بشعر رأسهم؛ إنّ اللّه الذي اهتمّ بالفتيان الأربعة في الأتّون (دا ٣ /٢٧-٢٩)، "فلم تحترق شعرة من رؤوسهم"، كيف يتخلّى عن مؤمنين به، ويشهدون له؟

 

 الآيتان (٨-٩)

 

 مَن يعترف بيسوع أنّه المسيح وابن اللّه ( متّى ١٦/ ١٦ ؛ ١ يو ٢/٢٢)، يعترف به يسوع على أنّه تبعه بصدق ( متّى ٧/٢١)؛ هذا يتمّ في الدينونة الأخيرة، أمام الملائكة ( لو ٩/٢٦)؛ فيكون ابن الإنسان، في ذلك الوقت، الشاهد والمدافع عن أخصّائه ومحبّيه، لا الديّان كما في متّى (٢٥ /٣١-٤٦)؛ ومَن ينكره أمام الناس، ولا يشهد له، لا يتعرّف إليه الربّ في ذلك الوقت.

 

 

الأب توما مهنّا