الخميس الرابع من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (متّى 18 /15ـ 20)

 

 

15 قال الرّبّ يسوع: "إن خطئ إليك أخوك، فاذهب وعاتبه بينك وبينه على انفراد. فإن سمع لك ربحت أخاك.

 

16 وإن لم يسمع لك فخذ معك أيضًا واحدًا أو إثنين، لكي تثبت كلّ كلمة بشهادة اثنين أو ثلاثة.

 

17 وإن لم يسمع لهما، فقل للكنيسة. وإن لم يسمع للكنيسة أيضًا، فليكن عندك كالوثني والعشّار.

 

18 الحقّ أقول لكم: كلّ ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكلّ ما تحلّونه على الأرض يكون محلولاً في السماء .

 

19 وأيضًا أقول لكم: إن اتّفق اثنان منكم على الأرض في كلّ شيء يطلبانه، فإنّه يكون لهما من لدن أبي الّذي في السماوات .

 

20 فحيث اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم".

 

 

أولاً قراءتي للنصّ

 

 

 يشدّد يسوع على المصالحة الأخويّة في الجماعة تكرارًا، ودون هوادة، فرديًّا وجماعيّا؛ لأنّه قد يخطأ عضو فيها إلى عضو آخر؛ ومن الصعب ألاّ يتبادل أعضاؤها الأخطاء إلى بعضهم البعض، بل من المستحيل الآّ يحدث ذلك، ولكن ليس بالضرورة عن  قصد وبنيّة سيّئة دائمًا؛ فإذا كان هذا الواقع المضرّ بالجماعة، بكيانها وحياتها، واقعًا قائمًا بالضرورة، فكيف يعالج؟

 

 

 يأمر الرّبّ الأخ الّذي تلقى الخطأ أن يقوم، على التوالي، بالخطوات الثلاثة التالية، وذلك بهدف المصالحة الأخويّة التي لا تتأصل من دون الإصلاح الأخويّ.

 

أن يذهب، في خطوة أولى، إلى الأخ الّذي أخطأ ويعاتبه على انفراد، ويتفاهم معه؛ فإذا سمع له، انتهى الأمر، وإلاّ أن يعود إليه، في خطوة ثانية، ومعه شاهد أو شاهدان ...؛ فإذا سمع لهم، انتهى الأمر، وإلاّ أن يُرفع الأمر، في خطوة ثالثة، إلى الكنيسة، إلى الجماعة ككلّ، إلى السلطة الشرعيّة في الجماعة؛ فإذا لم يسمع لهذه، يفقد عضويّته في الجماعة، وحينئذ، فليكن عندك، يقول الرّبّ، كالوثنيّ والعشّار!(تجدر الإشارة إلى أنّ هؤلاء هم أيضًا، مدعوون إلى الإيمان بيسوع وبالخلاص!).

 

 

الآية (18) 

 

كما أعطى يسوع لبطرس سلطان الحلّ والربط بالمعنى التنظيميّ والعقائديّ (16/19)، كذلك أعطى يسوع السلطان نفسه للرّسل مجتمعين (18/18)، ولخلفائهم، وللكنيسة الباقية على الأرض ما بقي البشر؛ هذا السلطان المعطى من السماء يمارس على الأرض، وأحكامه نافذة على الأرض وفي السماء.

 

 

الآيتان (19ـ 20) 

 

نحن في أجواء العالم الجديد، عالم الخلاص، عالم الملكوت! تأتينا هذه الأجواء من المصالحة الشاملة والنهائيّة التي اتمّها الرّبّ يسوع، بعمله الخلاصيّ، بين الله الآب والإنسان، ولا يزال، بحضوره السرّيّ وبروحه، يعمل في الكنيسة على توفير وعي هذه المصالحة من قبل كلّ إنسان، لكي ينقاد إلى قبولها والإلتزام بها في حياته الزمنيّة هذه؛

 

من هنا، وعد يسوع لكلّ اثنين متّفقين على طلب شيء، بالحصول على هذا الشيء، من قبل الله الآب بالذات (19)؛ ووعده أيضًا، للمجتمعين باسمه، بالإنضمام إليهم ومشاركتهم في اجتماعهم، وجعل هذا الإجتماع بالتّالي، مثمرًا؛ هنا نواة، بل خميرة الجماعة المسيحيّة ــ الكنسيّة، على اختلاف متّسعاتها، وبشقّيها الراعويّ والرهبانيّ.

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 الآيات (15ـ17) 

 

 

تتكلّم هذه عن خلافات تحصل داخل الجماعة؛ قد تترتّب هذه الخلافات بالصبر وطول البال واحترام الأشخاص، وذلك في إطار الحقّ والعدالة؛ وقد تحتاج معالجتها إلى محاولات اخرى متكرّرة، من الإصلاح (عتاب على انفراد، أو بحضور شاهد أو شاهدين)، قبل الوصول إلى الجماعة (المسؤولين فيها) التي تقرر العقاب .

 

 

الآية (17)

 

الكنيسة ؟ أربع إحتمالات 

 

المجتمع في زمن يسوع (1)، كنيسة الأمم في أورشليم (2)،التلاميذ الأولوّن حول يسوع (3)، جماعة متّى (4).

 

هنا، لا بدّ من العودة إلى سلطان المفاتيح، الّذي أعطي لبطرس (متّى 16/19)، ثمّ للجماعة الرسوليّة  (متّى 18/18)؛ فإذا لم يسمع الأخ المذنب، يصبح خارج الكنيسة، ولا يعود لهذه سلطة عليه؛ هنا، أساس الحرم الّذي يذكّرنا بما قاله بولس الرسول في (1 قو 5/11 )؛ إننا أمام تبرير عرفته جماعة متّى في إطار الفكر اليهوديّ .

 

 

 الآية (19)

 

هنا، تشديد على الصلاة الجماعيّة التي تتمّ داخل الكنيسة، وليس على تلك الّتي تتمّ في الجماعات الصغيرة المفتّتة، كما يقول بعضهم؛ وهنا ِأيضًا، تشديد على كلّ عمل جماعيّ، سواء كان الإصلاح الأخويّ (15 / 17)، أو التسامح بين الإخوة (21) .  

 

 

الأب توما مهنّا