السبت الثالث من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (يو 16/ 29ـ33)

 

 

29 قال التلاميذ ليسوع: "ها إنّك الآن تتكلّم علانيّة، ولا تقول مثلاً واحدًا .

 

30 الآن نعلم أنّك عالم بكل شيء ،ولا تحتاج أن يسألك أحد. بهذا نؤمن أنّك خرجت من لدن الله".

 

31 أجابهم يسوع:"هل الآن تؤمنون ؟!

 

32 ها إنّها تأتي ساعة وقد أتت، فيها تتبدّدون كلٌّ في سبيله، وتتركونني وحدي، لأنّ الآب معي .

 

33 كلّمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. سيكون لكم في العالم ضيق. ولكن ثقوا: أنا غلبت العالم".

 

 

 

أولًا قراءتي للنصّ

 

 

لاحظ التلاميذ أنّ يسوع لم يعد يكلّمهم بأمثال، بل بصراحة، بجلاء، ومن دون مداورة؛ ولاحظوا أنّه

"عالم بكلّ شيء"، أي بالأمور التي تخصّهم وترد إلى أذهانهم، وتشغلهم وتحملهم على التساؤل والإستفهام؛ لقد تأكّدوا من ذلك إلى حدّ الشعور بأنهم لم يعد لديهم حاجة إلى توجيه سؤال استفهام إليه ! وهذا حملهم على الإعلان بإيمانهم به، وبأنه آتٍ من لدن الله.

 

ولكنّ يسوع الذي سعى إلى حمل تلاميذه على اتّخاذ هذا الموقف الإيمانيّ به وبعلاقته بالله أبيه، لم يطمئنّ إلى إعلانهم عن موقفهم هذا أمامه، لأنّه كان عارفًا بما سيحدث لهم؛ لذلك، وبهدف توطيد إيمانهم، أنبأهم بأنه ستأتي ساعة، حيث يتزعزع موقفهم هذا، ويضعف إيمانهم، حيث يتبدّدون، تاركينه وحده في غمرة الآلآم والموت، ومؤكّدًا لهم بأنّه لن يكون وحده، بل سيكون الآب دائمًا معه.

 

 

 ويختم يسوع خطبته الثانية هذه بإبراز ما لأجله ألقاها على تلاميذه، بثلاثة. الطلب إليهم أن يظلّوا، بالرغم مما سيلاقونه من ضيق واضطهاد في العالم، في سلام الإيمان الباطنيّ الذي هو يعطيه، والقائم على الثقة، على الحقيقة الأكيدة، بأنّه قد غلب العالم.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

الآية (30)

 

 معرفة يسوع النبويّة قادت التلاميذ إلى الإيمان، كما قادت  إلى الإيمان أيضًا، نتنائيل (1/48ـ 49 )، والسامريّة  (4/29) .

 

 

 الآية (32)

 

 إيمان التلاميذ ضعيف وغير كافٍ لمجابهة المحنة ؛ ستشتّتهم قوى الشرّ (يو 10/12؛ مر 14/27؛ متّى 26/31)، ويمضي كلّ واحد في طريقه ؛ وفي قلب الآلآم ، ومع  صرخة يسوع : "الهي ، الهي ، لماذا تركتني ؟" (مر 15 /24)، لم يترك الآب ابنه وحده ، بل بقي معه (راجع 8/16، 19؛ 10/30).

 

 

 

 الاية ( 33 )

 

هنا مقابلة بين  "فيّ" وبين " في العالم"  ؛ بين "السلام" وبين "الضيق" أي المحنة والإضطهادات التي تسبق الإنتصار المسيحانيّ ؛ لكنّ يسوع يعلن ، في قلب المحنة وقبل الموت، أنّه غلب العالم (راجع 1 يو 2/13ـ 14 ؛4/4 ؛5/4ـ5).

 

الأب توما مهّنا