السبت الحادي عشر من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم  ( لو 12/ 49- 53)

 

 

49 قال الرّبّ يسوع: "جئت ألقي على الأرض نارًا، وكم أودّ لو تكون قد اشتعلت!

 

50 ولي معموديّة أتعمّد بها، وما أشدّ تضايقي إلى أن تتمّ!

 

51 هل تظنّون أنّي جئت أحلّ في الأرض سلامًا؟ أقول لكم: لا! بل انقسامًا!

 

52 فمنذ الآن يكون خمسةٌ في بيتٍ واحد، فينقسمون: ثلاثةٌ على اثنين، واثنان على ثلاثة!

 

53 ينقسم أبٌ على ابنه وابنٌ على أبيه، أمٌّ على ابنتها وابنةٌ على أمّها، حماةٌ على كنّتها وكنّةٌ على حماتها!".

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، العنوان التالي "لماذا جاء يسوع؟"؛ وهناك نصّ موازٍ للآيات ( 51-53)، وفي متّى ( 10/ 34-36)؛ ورد، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، التعليق التالي على الآيتين (49-50) "لا يذكر الإنجيليّ إطارها التاريخيّ؛ ويعني بالعماد موت يسوع، وبالنار الروح القدس الذي سوف يعطيه يسوع بعد موته وقيامته".

 

 

 نحن أمام جواب يسوع على السؤال الضمنيّ الذي طرحه على نفسه، أمام تلاميذه والجموع: "لماذا جئت إلى العالم؟"؛ لقد جئت إلى العالم، لكي أتّمم تدبير اللّه الخلاصيّ الذي صمّمه، وبدأ التحضير له في العهد القديم؛ يقوم هذا التتميم بموته على الصليب ("لي معموديّة أتعمّد بها")، وبإرسال الروح القدس على التلاميذ والكنيسة، وإلى العالم ("جئت ألقي على الأرض نارًا").

 

 

 ويتابع يسوع قائلًا: لقد جئت إلى العالم، لأدعو الناس إلى هذا الخلاص، وستحدث دعوتي هذه انقسامًا، لا سلامًا، في العائلة الواحدة، وفي الجماعة الواحدة؛ ولقد حدث هذا الانقسام فعلًا، وبخاصّة في أوائل الكنيسة، إذ بعض أفراد العائلة الواحدة أو الجماعة الواحدة، قبلوا الدعوة، وبعضهم الآخر رفضها، وهكذا انقسم الناس إلى فئتين، الواحدة مؤمنة، عن اليمين، والأخرى غير مؤمنة، عن اليسار.

 

 

 أضف إلى ذلك أنّ هذا الانقسام قد تناول فئة اليمين بالذات، لا على صعيد الكنائس، وخلافاتها العقائديّة والقانونيّة فحسب، بل وبخاصّة، على صعيد الأفراد المؤمنين بالذات، إذ تسامى البعض منهم في إيمانهم وعيشهم لمقتضيات هذا الإيمان، وصاروا فئة متميّزة (منقسمة) عن باقي المؤمنين العاديّين، هي فئة القدّيسين.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

الآية (49)

 

 لماذا جاء يسوع؟ لكي يشعل النار على الأرض؛ ترتبط النار، هنا، بالدينونة، فتمرّ على أعمال الإنسان تحرقها فتصبح رمادًا، أو تنقّيها كما تنقّي المعادن؛ يبقى على المؤمن أن يتّخذ قراره، فيبدّل حياته (راجع لو 3/ 16؛ رسل 2/ 3؛ 1 قو 3/ 12-13).

 

 

الآية (50) يسير العماد مع كأس الألم، ليدلّ على موت يسوع (مر 10/ 38)؛ يلتقي العماد هنا، مع النار في سياق يتحدّث عن الدينونة؛ هذا يعني أنّ المخلّص قد وصل إلى نهاية مسيرته التي يستعجلها.

 

 

الآية (51) السلام المذكور هنا، وفي متّى (10/ 34)، هو السلام الذي يعانه الأنبياء الكذبة

 

(راجع إر 6/ 14؛ 8/11؛ حز 13/ 10، 16)؛ أمّا السلام المسيحانيّ فيتحدّث عنه لوقا ( في 1/ 79؛ 2/14)، وآشعيا (في 9/ 5-6؛ 52/ 7؛ 57/ 19)؛ وميخا ( في 5/ 4-5)، والرسول بولس ( في أف 2/ 14-17)

 

فالمقصود هنا، هو التعبير عن الواقع التالي: حين يأخذ أحد أفراد العائلة موقفًا متجاوزًا مع دعوة يسوع إلى الخلاص، دون باقي أفراد العائلة، فإنّه ينفصل عنهم، وهكذا يحدث الانقسام في العائلة.

 

 

الأب توما مهنّا