ثلاثاء أسبوع البيان ليوسف «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (يو7/ 11-18)

 

11 فكان اليهود يطلبونه في العيد، ويقولون: "أين هو ذاك؟".

 

12 وكان في الجمع تهامسٌ كثيرٌ في شأنه. كان بعضهم يقول: "إنّه صالح"، وآخرون يقولون: "لا، بل هو يضلّل الجمع".

 

13 وما كان أحدٌ يتكلّم عنه علنًا، خوفًا من اليهود.

 

14 وفي منتصف أيّام العيد، صعد يسوع إلى الهيكل، وأخذ يعلّم.

 

15 وكان اليهود يتعجّبون قائلين: "كيف يعرف الكتب، وهو ما تعلّم؟".

 

16 فأجابهم يسوع وقال: "ليس التّعليم تعليمي، بل تعليم من أرسلني.

 

17 من يشاء أن يعمل مشيئة من أرسلني يعرف هل هذا التّعليم هو من عند الله، أم أنّي من تلقاء نفسي أتكلّم.

 

18 من يتكلّم من تلقاء نفسه يطلب مجد نفسه. ومن يطلب مجد من أرسله فهو صادقٌ لا ظلم فيه.

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

     الآيات (10- 13)

 

أُعطيَت لهذه الآيات، من نصّ إنجيل هذا اليوم، العنوان التالي "يسوع في عيد المظالّ في أورشليم".

 

في الأيّام الأولى لهذا العيد، وقبل أن يظهر يسوع فيه، أخذ "اليهود" المتواجدون مع باقي الجمع يطلبونه، ويفتّشون عنه، ويتساءلون: "أين هو ذاك؟".

 

وكان أيضًا في الجمع، تهامسٌ كثيرٌ، يقول الإنجيليّ في شأن يسوع، وتبادلٌ في الآراء، المتبانية حتّى التناقض، حوله: إذ كان بعضهم يقول: "إنّه صالح"، وآخرون يقولون: لا، بل هو يضلّل الجمع".

 

كلّ ذلك كان يتمّ في الخفاء، لا بالعلن، خوفًا من اليهود"، من رؤساء اليهود؛ ويظهر أنّ يسوع كان قد صعد إلى العيد، لا ظاهرًا، بل في الخفاء أيضًا (10)؛ قد يدلّ واقع الحال هذا على أنّ يسوع كان آخذًا في الحلول، شيئًا فشيئًا، محلّ العيد.

 

 

 

   الايتان (14- 15)

 

 

ويظهر يسوع في منتصف العيد، ويأخذ بالتعليم في الهيكل علنًا، أمام الجمع؛ ويثير بتعليمه الإعجاب لدى اليهود الحاضرين والسامعين؛ لقد تسبّب إعجابهم من معرفتهم البشريّة ليسوع: إنّه "ما تعلم"؛ إنّه من الناس العاديّين،  ومن كونه "يعرف الكتب"؛ كيف أتته هذه المعرفة، ومن أين؟

 

قد يكون تعجّبهم هذا تعبيرًا عفويًّا عن شعور عميق لديهم، وهم في حضرة يسوع المعلّم، وكأنّهم أمام ظاهرة إلهيّة حقيقيّة.

 

 

   الآيات (16- 18)

 

 

أجابهم يسوع على تعجّبهم واستفامهم بثلاثة هي التالية.

 

أ- التعليم الذي أعطيه ليس تعليمي، بل هو تعليم الذي أرسلني، أي تعليم الله الآب؛ إذن، التعليم الذي أعطيه ليس متطابقًا فحسب، مع تعليم الله، أي مع الحقيقة، بل هو تعليم الله بالذات، هو الحقيقة؛ لأنّ الذي أرسلني، أعطاني أن أعلّم تعليمه، وأن أعمل أعماله.

 

 

ب- كلّ منكم يشاء أن يعمل بصدق، مشيئة الله، يعرف ذلك ويقرّ به؛ فمن أراد الله بصفاء ذاتيّ يرى بوضوح أنّ تعليمي ليس منّي، ومن تلقاء نفسي، بل هو من عند الله الذي أرسلني.

 

 

ج- لأنّ الذي يتكلّم ويعلم من تلقاء نفسه، يظهر نفسه، أي يمجّدها؛ ومن يمجّد نفسه لا يمجّد الله، ولا يظهره، بل يبقيه مخفيًّا، فهو إذن وبالضرورة غير صادق والظلم فيه؛ أمّا الذي يتكلّم ويعلّم، ويطلب من كلامه وتعليمه مجد الذي أرسله، أي الله (في لغة يسوع والإيمان)، أو الحقيقة (في لغة الإنسان والفلسفة)، فيكون عندئذٍ صادقًا، لا ظلم فيه (لا يتعدّى على الله  أو على الحقيقة)، فيحلّ نفسه محلّ الله أو محلّ الحقيقة.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

   الآية (17)

 

 

من لا يعمل بإرادة الله، لا يقدر أن يعرف مصدر تعليم يسوع؛ أمّا الذي يعمل بإرادة الله، فإنّه يكتشف أصل يسوع الإلهيّ وتعليمه؛ لهذا قال القدّيس أغوسطينوس: "الفهم هو جزاء الإيمان...، والعمل هو الإيمان".

 

 

  الآية (18)

 

 

يقابل يسوع هنا، بين اليهود الذين يطلبون المجد لأنفسهم، وبينه هو الذي يطلب مجد من أرسله؛ هذا هو معيار الصدق والكذب؛ لذلك يقول يوحنّا في (3: 33؛ 8: 26): إنّ الآب صادق، وهنا يقول: إنّ الابن صادق؛ وهكذا يجعل الابن مساويًا للآب.

 

 

  3- شرح عبارات وكلمات

 

 

أ- اليهود (11)

 

ترد هذه الكلمة 71 مرّة في يوحنّا؛ قد استعملت بمعنىً يراعي اليهود (3: 22)، أو بمعنى حياديّ (8: 6)؛ ولكنّها استعملت عادة لتدلّ على رؤساء اليهود الذين أضمروا العداوة ليسوع (8: 48).

 

ب- خوفًا من اليهود (13)

 

يلمّح يوحنّا إلى إجراءات اتّخذها المجمع اليهوديّ، بعد سنة (70)، ضدّ المسيحييّن الذين يتعلّقون بالإنجيل؛ إذن، على المؤمن ألّا يخاف.

 

 

ج- وهو ما تعلّم (15)

 

أي لم يمّر في مدارس المعلّمين، وبالتالي لا يعرف تقاليدهم.

 

د- تعليمي هو تعليم من أرسلني (16)

 

لم يمّر يسوع في المدارس، لذلك يأتي تعليمه من معرفته المباشرة والكاملة للآب (5: 19- 23، 12: 49- 50).

 

 

الأب توما مهنّا