الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة «الرسالة

 

 

 

رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل تسالونيقي(2/ 1-13)

 

 

مرتا ومريم

 

 

 

يا إخوَتِي، أَنْتُم أَنْفُسُكُم تَعْلَمُونَ، أَيُّهَا الإِخْوَة، أَنَّ دُخُولَنَا إِلَيْكُم لَمْ يَكُنْ باطِلاً.

 

ولكِنْ، كَمَا تَعلَمُون، بَعْدَ أَنْ تَأَلَّمْنَا وشُتِمْنَا في فِيلِبِّي، تَجَرَّأْنَا بإِلهِنَا أَنْ نُكَلِّمَكُم بإِنْجِيلِ الله، في جِهَادٍ كَثِير.

 

ولَمْ يَكُنْ وَعْظُنَا عَنْ ضَلال، ولا عَنْ نَجَاسَة، ولا بِمَكْر،

 

بَلْ كَمَا ٱخْتَبَرَنَا اللهُ فَأَمَّنَنَا على الإِنْجِيل، هكَذَا نَتَكَلَّم، لا إِرْضَاءً لِلنَّاسِ بَلْ للهِ الَّذي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا.

 

فَإِنَّنا ولا مَرَّةً أَتَيْنَاكُم بِكَلِمَةِ تَمَلُّق، كَمَا تَعْلَمُون، ولا بِدَافِعِ طَمَع، واللهُ شَاهِد،

 

ولا طَلَبْنَا مَجْدًا مِنْ بَشَر، لا مِنْكُم ولا مِنْ غَيرِكُم،

 

معَ أَنَّنَا قادِرُونَ أَنْ نَكُونَ ذَوِي وَقَار، كَرُسُلٍ لِلمَسِيح، لكِنَّنَا صِرْنَا بَيْنَكُم ذَوِي لُطْف، كَمُرْضِعٍ تَحْتَضِنُ

 

أَوْلادَهَا.

 

وهكَذَا فَإِنَّنَا مِنْ شِدَّةِ الحَنِينِ إِلَيْكُم، نَرْتَضِي أَنْ نُعْطِيَكُم لا إِنْجِيلَ اللهِ وحَسْب، بَلْ أَنْفُسَنَا أَيْضًا، لأَنَّكُم

 

صِرْتُم لَنَا أَحِبَّاء.

 

وإِنَّكُم تَتَذكَّرُون، أَيُّهَا الإِخْوَة، تَعَبَنَا وكَدَّنَا: فَلَقَد بَشَّرْنَاكُم بِإِنْجيلِ الله، ونَحْنُ نَعْمَلُ لَيْلَ نَهَار، لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلى

 

أَحَدٍ مِنْكُم.

 

أَنْتُم شُهُود، واللهُ شَاهِد، كَيْفَ كُنَّا مَعَكُم، أَنْتُمُ ٱلمُؤْمِنِين، في نَقَاوَةٍ وبِرٍّ وبِغَيرِ لَوم،

 

نُعامِلُ كُلاًّ مِنْكُم، كَمَا تَعْلَمُون، مُعَامَلَةَ ٱلأَبِ لأَوْلادِهِ.

 

وكُنَّا نُنَاشِدُكُم، ونُشَجِّعُكُم، ونَحُثُّكُم على أَنْ تَسْلُكُوا مَسْلَكًا يَلِيقُ بالله، الَّذي يَدْعُوكُم إِلى مَلَكُوتِهِ ومَجْدِهِ.

 

لِذَلِكَ نَحْنُ أَيضًا نَشكُرُ اللهَ بغيرِ ٱنْقِطَاع، لأَنَّكُم لَمَّا تَلَقَّيْتُم كَلِمَةَ الله الَّتي سَمِعْتُمُوهَا مِنَّا، قَبِلْتُمُوهَا لا بِأَنَّهَا

 

كَلِمَةُ بَشَر، بَلْ بِأَنَّهَا حَقًّا كَلِمَةُ الله. وإِنَّهَا لَفَاعِلَةٌ فيكُم، أَيُّهَا المُؤْمِنُون.

 

 

 

البُعد الروحي:

 

 

بولس يستعيد ذكرياته في تسالونيكي، ويُخاطب المؤمنين كخطيب يتباهى بفصاحته، ولا كمتملّق أو استغلاليّ، بل هو مُمتَحن ومؤتَمن على إنجيل يسوع المسيح.

 

لا يفرض إكرامه على المؤمنين ولا يطالبهم بسدّ حاجاته المادِّيَّة، بل هو يفاخر بأنّه يرفض قطعًا ودومًا أن يكون مَدينًا بشيء مادّيّ لأحد، ولم يقبل عونًا ماديًّا إلّا من مؤمني فيلبّي.

 

ويشبّه نفسه بالأمّ المرضع، وبالأب المشجّع، وهو مستعدّ أن يبذل نفسه في سبيل المؤمنين، ليثبّتهم على الحياة المسيحيّة بكلّ ما تقتضيه من عمل الإيمان، وتعب المحبّة، وثبات الرّجاء.

 

وينتهي بالتشديد على قبول البُشرى لدى أهل تسالونيكي. فليست البُشرى كلامًا عن الله فحسب، بل هي كلام الله عينه، يأتي على ألسنة بشر، وهي قوّة إلهيّة تفعل في حياة المؤمنين فتؤتيهم الخلاص: يقبل المؤمن كلمة الله من فم المبشِّر، ويسمعها ويُصغي إليها، وتدخل إلى قلبه، ويرضى بها ويتفاعل وإيّاها، فتحقـِّق فيه "الكلمة" خلاصًا أبديًّا!