الأحد السادس عشر من زمن العنصرة «الرسالة

 

 

 

 

رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة (8/ 18 - 27)

 

 

 

مثل الفريسيّ والعشّار

 

 

 

يا إِخوَتِي : إِنِّي أَحْسَبُ أَنَّ آلامَ الوَقْتِ الحَاضِرِ لا تُوَازِي المَجْدَ الَّذي سَوْفَ يتَجَلَّى فينَا.

 

فإِنَّ الخَليقَةَ تَنْتَظِرُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ تَجَلِّيَ أَبْنَاءِ الله؛

 

لأَنَّ الخَليقَةَ أُخْضِعَتْ لِلبَاطِل، لا طَوْعًا، بَل «بِسُلْطَانِ اللهِ الَّذي أَخْضَعَهَا»، ولكِنْ عَلى رَجَاءِ

 

أَنَّ الخَليقَةَ نَفْسَهَا سَتُحَرَّرُ هيَ أَيْضًا مِنْ عُبُودِيَّةِ الفَسَادِ إِلى حُرِّيَةِ مَجْدِ أَوْلادِ الله.

 

ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الخَليقَةَ كُلَّهَا مَعًا تَئِنُّ وتَتَمَخَّضُ إِلى الآن.

 

ولكِنْ لا هيَ فَحَسْب، بَلْ نَحْنُ أَيْضًا الَّذينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوح، نَحْنُ أَيْضًا نَئِنُّ في أَنْفُسِنَا، مُنْتَظِرِينَ التَّبَنِّيَ

 

أَيْ فِدَاءَ جَسَدِنَا.

 

فإِنَّنَا بِالرَّجَاءِ خُلِّصْنَا. والرَّجَاءُ الَّذي يُرَى لَيْسَ رَجَاء. فهَلْ يَرْجُو أَحَدٌ مَا يَرَاه؟

 

أَمَّا إِذَا كُنَّا نَرْجُو مَا لا نَرَاه، فَبِالصَّبْرِ نَنْتَظِرُهُ.

 

وهكَذَا فَٱلرُّوحُ نَفْسُهُ يَعْضُدُنَا في ضُعْفِنَا، لأَنَّنَا لا نَعْرِفُ أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي، لكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ لَنَا

 

بِأَنَّاتٍ لا تُوصَف.

 

والَّذي يَفَحَصُ القُلُوبَ يَعْرِفُ رَغْبَةَ الرُّوح، وهيَ أَنَّهُ يَشْفَعُ لِلقِدِّيسِينَ بِمَا يُوَافِقُ مَشِيئَةَ الله.

 

 

 

 

البُعد الروحي:

 

يصف الرّسول انتظار إعلان البنوّة الإلهيّة للإنسان المؤمن بالمسيح، بتعابير تنمّ عن ألم شديد، وتمخّض، وأنين، وصبر طويل، فهو ليس انتظارًا كسولا ً بل هو انتظار نشيط مُضنٍ.

 

ومن خلال جسد الإنسان المؤمن المُمجّد يتمجّد الكون كلّه. نادى الفلاسفة اليونان قديمًا بتحرير الرّوح من المادّة، أمّا المسيحيّ فينادي بتحرير المادّة نفسها: فالخلاص يشمل كلّ الخلق المادّيّ والإنسانيّ.

 

الإنسان هو الذي أخضع الخليقة للباطل، لأنّه استعملها في سبيل أنانيّته، ضدّ إرادة الخالق.

 

أمّا بعد صلب يسوع وموته وقيامته، فقد بدأ العالم المادّيّ يشاطر المسيحيّ مجده، بكونه مفتدًى روحًا وجسدًا.

 

أمّا "باكورة الرّوح" التي في المؤمن، فهي عطيّة الرّوح التي أُعْطِيَت لنا، ولكن بنوع غير كامل، ولكنّها ضمانة مسبقة للعطاء الكامل النُهْيَويّ.

 

وهذا الرّوح القدس يشفع دومًا فينا، كما يشفع لنا المسيح الحيّ القائم عن يمين الآب: صلّى يسوع، وأمرنا أن نصلّي، واعتاد المؤمنون الأوّلون أن يصلّوا، وصلّى بولس الرسول، ووصّى المؤمنين أن يصلّوا، وصلّى من أجلهم، وطلب أن يصلّوا من أجله، وأن يصلّوا بعضهم من أجل بعض.

 

 

إنّ حضور الرّوح القدس، في قلوب المؤمنين، هو الينبوع الحقّ لكلّ صلاة مسيحيّة، وهو الذي يجعلنا نصلّي كأبناء.