«أرِنا الآب» «القوت اليومي

 

 

«أرِنا الآب»

"الذي يحبُّني يُحبُّه أبي وأنا أيضًا أحبُّه فأُظهرُ له نفسي" (يو 14: 21). هذه الرؤية ليست لهذه الحياة، بل للعالم الآتي. هي ليست لزمن معيّن، لكن لن يكون لها نهاية. "والحياة الأبديّة هي أن يَعرفوكَ أنتَ الإله الحقّ وحدَكَ ويَعرفوا الذي أرسَلتَه يسوع المسيح" (يو 17: 3). عن هذه الرؤية وهذه المعرفة، قال الرسول بولس: "فنَحن اليومَ نرى في مرآةٍ رؤيةً مُلتَبسة، وأمّا في ذلك اليوم فتَكونُ رؤيتُنا وجهًا لوَجه. اليومَ أعرفُ معرفةً ناقصة، وأمّا في ذلك اليوم فسَأعرفُ مثلما أنا معروف" (1كور13: 12). ثمرة عنائها هذه، تلدها الكنيسة اليوم في الرغبة، لكن في ذلك اليوم ستلدها في الرؤية؛ تلدها اليوم في الألم، لكن في ذلك اليوم ستلدها في الفرح؛ تلدها اليوم في الرجاء، لكن في ذلك اليوم ستلدها في التمجيد. ستكون هذه الثمرة بدون نهاية، لأنّه لا يمكن لشيء أن يُرضينا سوى ما هو لانهائي.

هذا ما جعل فيليبُّس يقول: "يا ربّ، أرِنا الآب وحَسبُنا". هذا ما يسمح لنا بفهم كلام الرّب يسوع المسيح: "بعدَ قليلٍ لا تَرونَني، ثمّ بعدَ قليلٍ تُشاهدونَني" (يو 16: 19). ما يسمّيه "بعدَ قليلٍ" هو الوقت الحالي للكنيسة، "الساعة الأخيرة". هكذا، فإنّ الوعد الذي قطعه يتوجّه إلى الكنيسة جمعاء... ولن يتأخّر في تنفيذ وعده. بعد قليل، أيّها الإخوة، سنُشاهده... مع جماعة القدّيسين... ولن نعود مضطرّين إلى توجيه أيّ توسّل أو أيّ سؤال، لأنّه لن يعود هنالك ما نرغب فيه أو ما نبحث عنه. فترة "بعد قليل" تبدو لنا طويلة جدًّا؛ لكن بعد انقضائها، سندرك كم كانت قصيرة... خلال ولادة الرغبة، فلنَفرح في الرجاء؛ لنَكن صبورين في المحنة.

 

القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)​