ألمَجْدُ مِنْ خِلالِ الهَوان «القوت اليومي

 

 

ألمَجْدُ مِنْ خِلالِ الهَوان

 

طَريقُ رَبِّنا انْسابَتْ بَيْنَ الآلام،

 

وَسْطَ الضَّرَباتِ والأوجاعِ بَلَغَتْ إلى الدَّم !

 

بالتَّواضُعِ والبَساطَةِ والهَوان، 

 

تَرَدَّدَ رَبُّنا على أرْضِنا.

 

 

 

إخْتارَ الرُّسُلَ  لِيَكْرِزوا بالإيمانِ بِهِ،

 

فساروا مَعَهُ، وَهُوَ يُثَبِّتُهُمْ على تَعْليمِهِ.

 

لَمْ يَشَأ أنْ يُظْهِرَ لَهُمْ عَظَمَة مَجْدِهِ، كما هُوَ،

 

لِأنَّ طَريقهُ كانَتْ مُتَواضِعَة.

 

 

 

كانَ كُلَّما اضْطُرَّ إلى صُنْعِ آيَة،

 

يَأخُذُهُمْ  فيُثَبِّتُهُمْ على تَواضُعِهِ،

 

يُعَلِّمُهُمْ بالآياتِ وَيُثَبِّتُهُم،

 

لِيَفْهَموا وَيُؤمِنوا بِه، إنَّهُ الله !

 

 

 

قرَنَ الهَوانَ بالآياتِ أمامَ تَلاميذِهِ،

 

لِئلّا  يَعْثُرَ التَّلاميذُ بِهَوانِ طَريقِهِ وَتواضُعِهِ.

 

بِالمَجْدِ والهَوانِ ، بالمَدْحِ والذّمّ،

 

كانَتْ طَريقُ رَبِّنا تَسْعى بَيْنَ الأرْضِيِّين !

 

 

 

حَوَّلَ الماء، كَثَّرَ الخُبْزَ، طَهَّرَ البُرْصَ،

 

فَتَّحَ العُمْيَ، أسْمَعَ الصُّمَّ، أحْيَا المَوْتى،

 

فَدَعَوهُ مُخْتَلاًّ، مُجَدِّفاً، بِهِ شَيْطان !

 

حَسِبوهُ  بَعْلَزَبوبَ، خارِقَ السَّبتِ، مُضَلِّلَ الشَّعْب !

 

 

 

ولمّا قَرُبَ زَمَنُ الآلامِ والصَّلْب،

 

أرادَ أنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مَجْدَهُ العَظيمَ على جَبَلٍ عالٍ.

 

رأوا مَجْدَهُ، لِئلّا يعْثُروا بِتواضُعِهِ،

 

حتّى يُحِبّوا في عَظَمَتِهِ هَوانَهُ !

 

 

 

لقدْ تَجَلّى أمامَهُم فَشاهَدوا نورَهُ،

 

لِئَلّا يَأخُذَهُمُ الهَولُ،  يَومَ  يَلْبَسُ لَوْنَ المَوْت !

 

بَهَرَهُم  بِضِياءِ مَجْدِهِ،  فجَذَبَهُم

 

لِئلّا  يَعْثُروا بِعُرْيِهِ على الصَّليب !

 

 

 

إسْتَحْسَنَ أنْ يُرْذَلَ وَيُشَهَّرَ، أنْ يُعَلَّقَ وَيُعَرَّى،

 

أنْ يَتَحَمَّلَ الآلامَ مُريداً لا مُكْرَهاً :

 

فَمِنَ الواضِحِ أنَّ مَنْ رَأينا جَبَرُوتَهُ على الجَبَل،

 

ما كانَ ذا ضُعْفٍ، لمّا صَلَبَهُ شَعْبُهُ !   

 

 

 

(الملفان مارِ يَعْقوبَ السَّرُوجِيّ

من أباء الكنيسة توفي عام 521)