إنبثاق الرّوح القدس من الآب والإبن «القوت اليومي


 

إذا قيل إنّ الرّوح القدس منبثق من الآب والابن،

فهنا تُصاب كلمة الانبثاق بعجز كلّيّ يفقدها معناها ومبناها.

كأن يقول مثلاً، إنّ النور منبثق من المصباح،

فالنور إن لم يكن له ما يستقبله كيف يُدعى نوراً وكيف يقال إنه منبثق؟

كذلك الرّوح القدس،

هو روح ونور وحقّ وحياة وحبّ منبثق من الآب،

ومستقرّة في الابن أو معلن في الابن ومستعلن أيضاً بالابن.


وعلى هذا الأساس، استطاع يسوع أن يُرسله من عند الآب. 

إنّ لكلّ أقنوم خاصّيّته ولا يتدخّل فيها الأقنوم الآخر.

فإنّ خاصّيّة الوجود هي الخاصّيّة الأقنوميّة،

التي يتميّز بها أقنوم الذات،

فعمله الأقنوميّ هو ولادة النطق وبثق الحياة منه،

وخاصّيّة الوجود التي ينفرد بها أقنوم النطق والذات،

غير قابلة للاشتراك مع أيّ أقنوم آخر،

لذلك لا يمكن أن يشترك أقنوم النطق في بثق الرّوح القدس من الآب؛

وبالمثل لا يمكن لأقنوم الحياة، الرّوح القدس،

الإشتراك في ولادة الابن من الآب،

لأنّه لو كانت خاصّيّة الوجود،

الذي هو أقنوم الذات يُشاركه فيها الابن والرّوح القدس،

لما أطلق على هذه الخاصّيّة،

أقنوم بالمرّة لأنّ من شروط الأقنوم،

أنّه متميّز في خاصّيّته الأقنوميّة ولا يشترك معه فيها أيّ أقنوم.

 

 

الأنبا غريغوريوس