«إِنَّنا نَسمَعُهم يُحَدِّثونَ بِعَجائِبِ اللهِ بِلُغاتِنا» «القوت اليومي

 

«إِنَّنا نَسمَعُهم يُحَدِّثونَ بِعَجائِبِ اللهِ بِلُغاتِنا» (أع 2: 11)

 

 

يا إخوتي، لقد رأينا بكلّ فرح بزوغ فجر العنصرة حيث تتوهّج الكنيسة في نظر المؤمنين وحيث تكون قلوبهم مضطرمة. لأنّنا نحتفل بهذا اليوم الّذي فيه أرسل ربّنا يسوع المسيح الرُّوح القدس، بعد قيامته ومجد صعوده.

هذا النَفَس كان يطهّر القلوب من تفاهة الحياة الماديّة؛ هذه النار كانت تحرق تبن رغباتهم القديمة؛ هذه اللغات التي تكلّم بها التلاميذ الممتلئون من الرُّوح القدس كانت صورة مسبقة عن انتشار الكنيسة من خلال لغات الأمم كلّها. بعد الطوفان، أدّى دنس البشر إلى تشييد برج عالٍ ضدّ الربّ، واستحقّ الجنس البشري الانقسام من خلال اللغات المختلفة... (راجع تك 11)؛ أمّا الآن، فإنّ تواضع المؤمنين وتفانيهم يضعان تنوّع هذه اللغات في خدمة وحدة الكنيسة. إنّ المحبّة تجمع ما كان الخلاف قد فرّقه، والأجزاء المختلفة للجنس البشري، المشابهة للأعضاء المتفرّقة للجسد نفسه، مرتبطة فيما بينها ومع المسيح، قائدهم، الرأس الوحيد (راجع كول 2: 19). إنها مذابة في الوحدة من خلال نار الحبّ...

يا إخوتي، يا أعضاء جسد الرّب يسوع المسيح، يا بزور الوحدة، ويا أطفال السلام، احتفلوا بهذا اليوم بالفرح، احتفلوا به بكلّ أمان. لأنّكم ترون أنّه يتحقّق فيكم ما كان معلنًا في السابق من خلال مجيء الرُّوح القدس. كلّ واحد من أولئك الذين نالوا الرُّوح القدس كان يتكلّم بحدّ ذاته كلّ اللغات. إنّ وحدة الكنيسة المنتشرة بين جميع الشعوب تتكلّم جميع اللغات في يومنا هذا، وضمن هذه الوحدة تنالون الرُّوح القدس، أنتم الذين لا يفصلكم أيّ انقسام داخل كنيسة الرّب يسوع المسيح، التي تتكلّم جميع اللغات.

 

القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)​