الحنطة والزؤان «القوت اليومي

 

 

القمح والزؤان 

 

ليس عملك أن تخلع الزؤان  إنما أن تنمو كحنطة، حتى إذا ما جاء الحاصد العظيم يجد سنابلك مملوءة قمحا فيجمع منها ثلاثين وستين ومائة وتمتلىء اهراؤه حنطة.

السيد المسيح لم يضيع وقته في مقاومة أخطاء زمنه..

 

 

لم ينفق فترة تجسده على الأرض صراعًا مع المخطئين ومشاكل المجتمع والكنيسة، إنما اهتم بالبناء بإرساء مبادئ جديدة وإعداد أشخاص يؤمنون بها وينشرونها في كل مكان.

 

الشيطان مستعد أن يشغلك كل حين بالمشاكل وأن يقدم لك ما لا يحصى من الأخطاء لكي يلهيك بمقاومتها ومحاربتها عن العمل في بناء نفسك وبناء الملكوت. إن الانهماك في خلع الزؤان، فيه تبديد للطاقات..

 

 

وفى هذا الصراع يبدد وقتك وجهودك وأعصابك.

 وفى خلع الزؤان أيضًا قد تفقد سلامك الداخلي  وربما سلامك مع الناس أيضًا إذ تحيا في صراع.

وهكذا تفقد  هدوءك وصفاءك وربما تفقد وداعتك أيضًا.  وقد تدخلك المشاكل في جو من الاضطراب ومن الخلافات التي لا تنتهى والتي تثيرك وتحيطك بالانفعال الدائم.

 

 

وكما تفقد وداعتك وهدوءك قد تفقد بشاشتك أيضًا، ولا يراك الناس إلا متجهمًا لا ابتسامة لك، وربما يملكك الغضب ويملكك الحزن ولا تحاول أن تتخلص منها لأنك تحسبه غضبًا  وحزنًا مقدسًا لأجل الله..

وقد يوصلك كل هذا إلى قساوة القلب..

 

باستمرار تدين الناس المخطئين، ثائرًا على ما فيهم من أخطاء بحجة خلع الزؤان منهم، وباستمرار تكون في ضجيج وقد يرتفع صوتك على الناس وتنتهر وتوبخ وتنفث التهديدات وتكون متبرمًا بكل شيء..

وفى كل هذا قد تفقد محبّتك للناس، وتفقد اتضاعك، وفيما تخلع الزؤان من الناس تكون قد خلعت الحنطة التي فيك وينظر إليك الناس فيرونك مثل الزؤان في كل شيء..

 

 

قليلون هم الذين يستطيعون أن يخلعوا الزؤان وفي الوقت  نفسه يحتفظون بحنطتهم .  لذلك حسنًا  منع الرب أولاده من خلع الزؤان لئلا يخلعوا معه الحنطة.

وحسنا قال الكتاب: “لا تقاموا الشرّ“..

إن أحسن طريقة لخلع الزؤان هى تقديم القدوة الصالحة التي تقتضى عليه، وكما قال الحكيم: “بدلاً من أن تلعنو الظلام أضيئوا شمعة“..

البابا شنودة الثالث