القيامة إنتصار على الموت «القوت اليومي

 

 

القيامة إنتصار على الموت

 

 

اليومَ يَجبُ أن نَصرُخ مع الطوباوي  داود: "مَن يُحدِّثُ بأمجادِ الربِّ ويُسمَعُ تسبحتَه كُلَّها؟" (مز 105/ 2). ها قد بلغنا عيدًا شهيّا وخلاصيًّا: إنّه يومُ قيامة ربِّنا يسوع المسيح، الذي إنتهتْ فيه الحربُ وعُقِدَ الصُّلْحُ وخُتِمَتْ مُصالحتُنا، يومٌ فيه هُدِمَ الموتُ وغُلِبَ الشيطان. في هذا اليوم ينضمُّ البشرُ إلى الملائكة، ويُرتِّلُ الجسديُّون الأناشيد مع القوّات الرّوحيَّة. اليومَ أُزيلَتْ مملكةُ الشيطان وسُحِقَتْ قيودُ الموت وأُبيدَ فوزُ الجحيم. اليومَ نستطيعُ أن نُردِّدَ كلامَ النبيّ: "أين شوكتُك، أيُّها الموتُ وأينَ غلبتُك؟" (1 قور 15/ 55).

 

اليومَ سَحَقَ ربُّنا يسوعُ المسيحُ الأبوابَ النُّحاسيَّة ولاشى أهوالَ الموت (...). فلا يًدْعَى الموتُ بعدُ موتًا، بل راحةٍ ورُقادًا. كان مُجَرَّدُ اسم الموتِ مُخيفًا قبل مولِدِ المسيح ونعمةِ الصّليب. ولم يَكُنْ يُدعى الإنفصالُ عن الجسدِ موتًا وحسبُ بل جحيمًا. إسمَعْ ما يقولُ يعقوبُ أبو الأسباط: "أنْزَلْتُمْ شَيْبَتي بحَسْرةٍ إلى الجحيم" (تك 42/ 38). ويقولُ نبيُّ آخر: "فَغَرَتِ الجحيمُ فاها" (أش 5/ 14). وقال آخر: "أنقذَتْ رَحمتَكَ نفسي من الجحيم السُّفلى" (مز 85/ 13). وفي العهد القديم نُصوصٌ كثيرةٌ يُدْعى فيها الخروجُ من هذه الحياة موتًا وجحيمًا. ولكن منذ أن قدَّمَ ربُّنا يسوعُ المسيحُ ذاتَه ذبيحةً عنّا، ومنذ أن قامَ هو من الموت، ألغى الربُّ الجزيلُ الرّحمةِ كُلَّ هذه الأسماء، وأدخلَ بين البشر نوعًا من الحياة جديدًا، لم يكونوا يعرفونه. فلا يُسمَّى بعدُ الخروجُ من هذا العالم موتًا، بل راحةً ورُقادًا.

 

 

القدّيس يوحنّا فم الذّهب (+ 407)