الوقوف في زمن القيامة «القوت اليومي

الوقوف في زمن القيامة

 

 

هذا هو السَّببُ الذي لأجلِهِ، بينما نحنُ جميعًا ننظرُ إلى الشَّرقِ لنُصلِّي، قليلون منّا يَعرِفونَ أنّنا نٌفتِّشُ عن الوطن القديم، أي ذاك الفردوسِ الذي غرَسَهُ اللهُ في عدْنٍ شرْقًا (تك 2/ 8). إنّنا نُقيمُ الصّلاة وُقوفًا في اليومِ الأوَّلِ من الأسبوع، ولكنّنا لا نَعرِفُ جميعًا السَّبَبَ في ذلك: ليس فقط لأجلِ أنّنا قائمون مع المسيحِ ومُلزمون بابتغاءِ ما هو فوق (كول 3/ 1).

 

 

نتذكَّرُ ونحنُ وُقوفٌ، عندما نُصلّي، اليومَ المُكرَّسَ للقيامة، والنّعمة التي وُهبَت لنا، بل لأنَّ ذلك اليوم يبدو على نحوٍ ما صورةً للجيل الآتي. وبما أنّه بَدْءُ الأيّام، فقد دعاهُ موسى لا "أوَّل"، بل "واحدًا": "وكان مساءٌ وكان صباحٌ يومٌ واحد" (تك 1/ 5)، كما لو كان اليوم "ذاتُهُ" يعودُ غالبًا. وعلاوةً على ذلك، إنَّ هذا اليومَ "الواحد" هو الثّامن، ويَعني بذاته ذاك اليومَ الوحيدَ حقًّا والثّامن حقًّا، الذي يأتي المُرتِّلُ على ذكرِهِ أيضًا في عنوان بعضِ مزاميرِهِ (مز 6/ 12): وهو عبارةٌ عن "الحالة" التي ستَتْبَعُ هذا الزمان، أي ذاك اليوم الذي لا نهاية له، ولن يَعرِفَ مساءً ولا صباحًا، أي ذاك الجيل الذي لا يزولُ ولا يُمكنُ أن يشيخ.

 

 

فمن الضّروريّ، إذن، أن تُعلِّمَ الكنيسةُ أبناءَها أن يُصلُّوا وهم وُقوف، في ذاك اليوم، لكي بتذكُّرِنا غير المُنقطع للحياة التي لا نهاية لها، لا نُهملَ مُطلقًا أن نَعُدَّ زادَنا الأخيرَ بُغية ذهابنا إلى السّماء، وإنَّ حقبة "الخمسين يومًا" بكاملها تُذكِّرُنا، هي أيضًا بالقيامة التي ننتظرُ في الجيل الآخر، وفي الواقع، إنَّ هذا اليومَ الواحِدَ والأوَّل المَضروب بسبعةٍ يُتمِّمُ أسابيع العنصرة المُقدَّسة السَّبعة، لأنّها تبتدئُ بالأوَّل وتنتهي به، منتشرةً خمسين مرَّةً في الأثناء، في أيّامٍ مُتشابهة. ولذا فإنَّ فيها بعض المُماثلة للأبديَّة.

 

القدّيس باسيليوس الكبير (+ 379)