حضور العذراء مريم المصلّية في الجماعة المسيحية «القوت اليومي

تابعت مريم مسيرة ابنها خلال حياته العامة وصولاً إلى أقدام الصليب، وها هي الآن ترافق مصلّية بصمت مسيرة الكنيسة.

في الناصرة، تقبل مريم كلمة الله والمشروع الإلهي بانفتاح كامل على عمل الله: "هاءنذا أمة للرّبّ فليكن لي بحسب إرادتك". وفي زيارتها إلى أليصابات، تتفجّر من قلب مريم صلاة التسبيح والفرح. في هذه الصلاة المعروفة باسم "نشيد التعظيم" (Magnificat)، لا تكتفي مريم بالنظر إلى ما فعله الرّبّ لها، بل تذكر كلّ ما فعله للشعب بأسره.

هذا ويدعو القديس أمبروسيوس في تعليقه على إنجيل لوقا كلّ نفس بأن تتحلى بخصال مريم فيقول: "فلتكن نفس مريم في كلّ نفس حتى تعظّم الرّبّ، فليكن روح مريم في كلّ إنسان حتى يبتهج بالله".

وكذلك مريم حاضرة في العلّيّة، مع التلاميذ المصلّين، بانتظار هبة الرّوح القدس. "إنّ مراحل مسيرة مريم من بيت الناصرة إلى أورشليم، مرورًا بالصليب حيث يوكل إليها ابنها التلميذ يوحنا، هي موسومة بقدرتها على حفظ جو من الاستجماع، لكي تتأمّل كل حدث في صمت قلبها، في حضرة الله".

وعليه إنّ حضور مريم مع التلاميذ في العلّيّة، ليس فقط تعقيبًا تاريخيًا، بل هو واقع ذو أهمية كبيرة، لأنّ مريم تشارك التلاميذ بذكرى يسوع الحيّة، في الصلاة.

المرة الأخيرة التي يذكر فيها لوقا مريم هي يوم سبت، ومن هنا يأتي تقليد تكريم مريم العذراء نهار السبت.

كما أنّ ليس هناك كنيسة من دون عنصرة، كذلك، ما من عنصرة من دون مريم.

إنّ المجمع الفاتيكاني الثاني يقول في العذراء مريم: "أراد الله ألاّ يظهر سرَّ خلاص البشر بجلاءٍ إلاّ في الساعة التي يُرسل الرّوح الذي وَعَدَ به المسيح، ولذا نرى الرّسلَ قبل يوم العنصرة "مثابرين بقلبٍ واحدٍ على الصلاة مع النساء ومريم أمّ يسوع ومع أخوته" (أع 1 / 14). ونرى مريم تطلب هي بصلواتِها عطيَّةَ الرّوح الذي كان حلَّ عليها يومَ البشارة".

تكريم أمّ الله في الكنيسة يعني أن نتعلم منها أن نكون جماعة تصلّي: فهذه هي العلامة المميِّزة للجماعة المسيحية الأولى في أعمال الرّسل.

البابا الفخري بنديكتس السادس عشر - 2012