حوار بين المختار (الكاهن) والربّ «القوت اليومي

العبد المختار: هاءنذا لأنّك دعوتني...

الربّ: تعالَ، أبعثك لتخرج شعبي من أرض العبودية، لتنقذهم من منفاهم

المختار: يا ربّ، أنر بوجهك عليهم فيخلصون.

الربّ: لكي أظهر لهم وجهي ليس لي سواك!

المختار: يا ربّ، ليكن لي بحسب قولك

الربّ: يستحيل أن تكتم كلمة الخلاص، فمن لي سواك يحمل كلمتي إلى الناس.

المختار: يا ربّ، بالغداة أتأهّب. وفي الأسواق سأشيد على المزمار منادياً بكلمتك.

الربّ: لكي يستعيدوا جسداً يرنّم وروحاً يسبّح، ليس غيرك يستطيع أن يبدّل قلوبهم

المختار: تكلّم يا ربّ فإنّ عبدك يسمع

الربّ: كلّ بيت تدخله قل لهم: عليكم سلام الله، سلام أبي. من قبِلك فقد قبِلني، ومن سمع منك فقد سمع مني. خرافي ونعاجي المبدّدة على الجبال، إجمعها. الضائعة، إبحث عنها، والمجروحة ضمّد جراحها، إشف المريض، واجمع المشرّد ليكون قطيع واحد، أنت سلامي!

المختار: يا أبت، لا تسمح بأن يهلك أحد من أولئك الذين ستعطيني إيّاهم. من يأتي إليّ، فلا أخرجه خارجاً.

الربّ: من لم ينعم بحنان طفولته، اغمره بحنان طفولتك. من لم يستطع أن يقول سامحني، كن أنت له غفراني.

المختار: يا ربّ، ليأت ملكوتك.

الربّ: هل أنت مستعدّ لتعطي حياتك للذين هم في القبور، لكي يعرف الجميع اني أحبهم كما أحبك.

المختار: يا ربّ، أنت تعلم كلّ شيء وتعلم أني أحبك.

الرب: إني بمسحة الروح القدس، سأقدّسك كاهناً إلى الأبد.

المختار: نعم يا أبتِ، إنّي أبذل ذاتي لأجلهم لكي يكونوا هم مقدّسين في الحقّ.

الربّ: إنّك بعرق جبينك تحرث الأرض وتهيؤها لتقبّل أمطار روحنا القدوس.

المختار: يا ربّ، أنت تعرف جلوسي وقيامي، سأستيقظ سحَراً.

الربّ: ستكون مظلتنا التي نصبناها على الأرض. نحن الثلاثة نقيم بينهم فيك.

 

العبد المختار فهم كلّ شيء. وبحركة رضىً وقبول أمال رأسه...

ثمّ مدّ يده اليمنى لتصافح يمين أبيه، عربوناً لعهد أبدي.

واليد ياليد يقول مستسلماً خاشعاً:

يا أبتِ، من يفصلني عن محبتك: أشدّة أم ضيق، أم جوع أم عري، أخطرٌ أم اضطهاد أم سيف؟ لا، فاني لواثقٌ بأنّي سوف أغلب بالذي أحبّني.

ثمّ الآب والإبن والروح القدس التفتوا إلى عبدهم فخاطبوه.

الربّ: يا خادم المحبة، فلأنّك تبذل ذاتك، نحن نحبّك.

المختار: يا روح أبي، لا تخذليني، الحياة بدونك موت، الجهاد بدونك انكسار، إني أحتاج إليك، وعليك أعتمد.

وترك مختار الرب بيت ذويه، وسار في طريق المذبح، يشقّ صفوف الجموع.

يتقدّم خطوة خطوة ليعانق النار، نار الروح، بوضع يد الأسقف على هامته.

ما هي إلا هنيهات، في آخر القداس وإذا صراخ من كلّ جانب:

أهلاً بك، يا مختار الله، نحن بانتظارك لتنقذنا من عبودية الشرّ والموت. وتدخلنا ملكوت الحرية والحياة!

واكتنفت الكاهن الجديد غمامة من شعب غفير،

ودخل العبد المختار غمامة الشعب، ولن تفارقه مدى مسيرته الكهنوتية.

 (من كتاب: أسرار الكنيسة السبعة في حياة الإنسان)