دَعوا اللّهَ يُصالِحُكُم «القوت اليومي

 

 

 

 

 

"ها هُوَذا الآنَ وَقتُ القَبولِ الحَسَن، وها هُوَذا الآنَ يَومُ الخَلاص" (2كور 6: 2). في الحقيقة، وفي النظرة المسيحيّة للحياة، كلّ لحظة ينبغي أن تكون مقبولة، وكلّ يوم ينبغي أن يكون يوم خلاص، ولكنّ ليتورجيّة الكنيسة تذكّرنا بهذه الكلمات بشكل خاص جدًّا في زمن الصوم. إنّه النداء الموجّه إلينا من خلال رتبة رشّ الرماد التقشفيّة: "توبوا وآمِنوا بِالبِشارة". 

إنّ النداء إلى التوبة يفضح السطحيّة المتساهلة التي غالبًا ما تميّز نمط حياتنا ويستنكرها. التوبة تعني تغيير الاتجاه في طريق الحياة؛ ليس من خلال تعديل بسيط فقط، لكن من خلال عكس الاتّجاه في المسيرة. التوبة تعني أن نسير عكس التيّار، "والتيّار" هو نمط الحياة السطحيّة، وغير المتناسقة والواهمة، هذا النمط الذي غالبًا ما يسيطر علينا ويجعلنا عبيدًا للشرّ، أو على الأقلّ سجناء التدنّي الأخلاقيّ. 

من خلال التوبة، نستهدف قمّة الحياة المسيحيّة، نسلّم حياتنا للإنجيل الحيّ والشخصيّ، الذي هو الرّب يسوع المسيح. فإنّ شخصه هو الهدف النهائي والمعنى العميق للتوبة. إنّه الطريق الذي دُعينا جميعًا للسير عليه في الحياة، وهو الذي ندعه يضيئنا بنوره ويَدْعمنا بقوّته التي تسيّر خُطانا. بهذه الطريقة، تكشف التوبة عن وجهها النيّر والجذّاب؛ هذا ليس مجرّد قرار أخلاقي بسيط يصحّح مسيرة حياتنا، ولكنّه اختيار إيمانيّ يلمسنا كُليًّا في الشراكة الحميمة مع شخص الرّب يسوع الحيّ والملموس...

 

 

التوبة هي الـ "نَعم" التامّة التي يعيشها مَنْ يُسلّم حياته للإنجيل، مُلبّيًا بحريّة نداء الرّب يسوع المسيح الذي يقدّم نفسه أوّلاً للإنسان بصفته "الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة" (يو 14: 6)، وبصفته الوحيد الذي يُحرّر الإنسان ويُخلّصه. هذا هو تحديدًا معنى الكلمات الأولى، وفقًا للقدّيس مرقس الإنجيليّ، التي يفتتح بها الرّب يسوع تبشيره بإنجيل الله: "تَمَّ الزَّمانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة" (مر 1: 15). 

 

البابا بندكتوس السادس عشر