رحمة الله «القوت اليومي

 

رحمة الله

 

إنّ الكتاب المقدّس يقول عن الله أنّه ندم لأنّه خلق  الإنسان، لكنّه لم يذكر قط أنّه ندم لأجل افتدائه.

 

ترتيانوس أراد أن يتكلّم عن التوبة وسرّ الاعتراف فخاف، من جهة رأى ذاته ملتزمًا أن يرشد المؤمنين، ومن جهة أخرى خاف  من أن يشجعهم على الخطيئة، آملًا التخلّص منها في منبر التوبة. فأنا عند تكلّمي عن رحمة الله أجد الصعوبة نفسها.

 

مع ذلك حيث المواعظ تُعلن مجد الله، فهي مفيدة للأنفس  القاصدة  التخلّص من الخطيئة والعازمة على الاتداد. لذا نخوض هذا الموضوع.

 

لو كان الغفران متوقفًا على إرادتي، لما كنتُ أسامحكم أيّها الإخوة، لكنّ قلب الباري تعالى هو أكبر وأوسع وأعظم... إذن لا تخافوا من كثرة المآثم...

بينما نرى ملوك الأرض يفتّشون عن الأثمة ليُهلكوهم، نرى ملكنا  السماوي يطلب الخاطئ ليخلّصه.

 

مَن وضع الحنوّ في قلب الأب والأمّ فكيف يكون حنوّه؟

 

الباري تعالى هو رحوم صالح، لا عن اضطرار لأنّ قوّة تضغط عليه، ولا بقصد انتفاع، لأنّه إله كامل لا يحتاج إلى الخليقة، بقي أن نقول بأنّ الله صالح عن مجرّد محبّته لنا وتعطّفه علينا. هو إله جيّد حتى نحو الأشياء التي لا يمكنها أن تقرّ بعرفان الجميل كالبقول والنبات والأشجار والحيوانات.

هو جيّد حتى نحو الأشرار الذين يهينونه. يشرق شمسه على الأخيار والأشرار.

 

                                                                من كتابات الأب يعقوب الكبوشي​