صُلِبَ لأجلنا «القوت اليومي

 

الآن وقد تأنّسَ ابن الله، الرّبّ، الذي أخلى ذاته فاتّخذ جنس آدم المائت في كلّ شيء. الذي جاء أوّلاً فاتّلدَ إنساناً وهو الله. الذي سَبَقَ فعرفهُ الأنبياء، وكَرَزَ به الرّسل، ومدحَهُ الملائكة، ومجّدهُ أب الكلّ. ذاك صُلِبَ لأجلنا، وصليبهُ حياتنا وثباتنا وخلاصُنا. الذي هو سرٌّ خفيّ. الذي هو الفرح غير الموصوف. الذي، بواسطته، لا تستطيع الطبيعة البشريّة أن تنفصل عن الله، لأنّهُ يحملها كلّ حين. الذي هو الكمال المُحبّ غير المُنفصِل عن الله. لا تستطيع هذه الشّفاه ان تصفهُ كما يجب، وقد كان خفيّاً منذ القديم، وتجلّى الآن سرّاً للمؤمنين، لا كما يُرى، بل كما سيكون.

هذا الصّليب الذي به نُفاخرُ لنتمجّد، الذي يحملهُ المؤمنون والكاملون، فينجون من كلّ شيءٍ محسوس، من كلّ ما يُرى، ومن كلّ ما ليس حقيقيّاً.

بالصّليب، اسألوا لذواتكم، أيّها المُتجَبِّرون! أصِمّوا آذانكم المرئيّة وأعموا عيونكم الظاهرة فتعرفوا مشيئة المسيح وكامل سرّ خلاصكم. أيّها الرّجال والنساء المُقدَّسون، أنتم الذين عليهم أن يفتخروا بالرّبّ، أنصِتوا إلى الإنسان الباطن.

 

من عظة الأسرار في "عهد الرّبّ"