عملُ الرُّوح مُتنوِّع «القوت اليومي

 

 

إذا سلـَّمْنا بأنَّ الرُّوحَ ليسَ لهُ أنْ يُمَجَّد، فكيفَ يُؤَلـِّهُني؟

 

وإذا وَجَبَ لهُ التمجيد، فكيفَ لا يكونُ أهلاً للعبادة؟

 

وإذا كانَ أهلاً للعبادة، فكيفَ لا يكونُ إلهًا؟

 

كِلا الأمرين ِ معقودٌ بالآخر، إنـَّها حقـًّا لـَسلسلة ٌ ذهبيَّة ٌ وخلاصيَّة. فمِنَ الرُّوح ِ يُؤتينا التـَّبنـِّي، ومنَ التـَّبنـِّي نستعيدُ حالتنا الأُولى، ومنها نعرفُ الذي أعادَنا.

 

قيلَ فيه: روحُ الله، روحُ المسيح، روحُ السَّيِّد، السَّيِّدُ في ذاتِهِ، روحُ التـَّبنـِّي والحقِّ والحُرِّيَّة، روحُ الحكمةِ ومخافةِ الله. فهوَ صانعُ جميع ِ هذهِ.

 

إنـَّهُ مبدأُ الكـُلِّ بجوهرهِ، يستوعبُ الكـُلّ، يملأُ العالمَ جوهرُهُ، لا يحُدُّ العالمُ قدرتـَهُ.

 

إنـَّه صالحٌ ومُستقيمٌ ومُرشد، مُقدَّسٌ بطبيعتهِ لا بصفةٍ تـُضافُ إليه.

 

يقيسُ ولا يُقاس، يُشتـَرَكُ فيهِ ولا يَشترِك، يملأُ ولا يُملأَ، يحتوي ولا يُحتوَى، يُورِثُ، يتمجَّد، يُذكـَرُ معَ الآبِ والابن.

 

هُوَ إصبَعُ الله، هوَ نار، مِثلُ الله، لِيَدُلَّ بحسَبِ إيماني على أنـَّهُ مُساو ٍ لهُ في الجوهر.

هوَ الرُّوحُ الذي يُبرِئُ كلَّ الخلائِق، يُجَدِّدُ بالمَعموديَّةِ والقيامة.  

 

إنـَّهُ الرُّوحُ الذي يعرِفُ كلَّ شيء، يُعَلـِّم، يَهُبُّ حيثُ يشاء، مِقدارَ ما يَشاء. يُرشدُ، يتكلـَّم، يُرسِل، يُنير، يُميِّز، يغضَب، يمتحِن، يُوحي، يُلهـِم، يُحيي، هوَ بالأحرى نورٌ وحياة، يَجعَلـُنا هيكلـَهُ، يُؤَلـِّهُنا، يُبَلـِّغُنا الكمال، حتى إنـَّهُ يَسبـِقُ المعموديَّة، ويتبَعُها.

 

إنَّ لهُ كلَّ فعل ِ الله، يُقسِّمُ ألسِنة منْ نار، يوزِّعُ المواهِبَ الرُّوحيَّة، يصنعُ رُسُلاً وأنبياء، إنجيليِّينَ ورُعاة ً وملافنة.

 

 القدِّيس ِ غريغوريوس الـنـَّزينزيّ ( + 390)