«فَاستَيقَظَ وزجَرَ الرِّيحَ والمَوج، فَسَكَنا وعادَ الهُدوء» «القوت اليومي

«فَاستَيقَظَ وزجَرَ الرِّيحَ والمَوج، فَسَكَنا وعادَ الهُدوء»

 

 

إنّ نوم الرّب يسوع المسيح في السّفينة هو علامة سرٍّ. وركّاب السفينة يمثّلون الأنفس التي تجتاز الحياة في هذا العالم عبر خشبة الصليب. كذلك، فإنّ السفينة هي رمزٌ للكنيسة. نعم بالحقيقة... إنّ قلب كلّ مؤمنٍ هو سفينةٌ تُبحر في اليمّ؛ ولن يُصيبَها الغرق إذا احتفظَتِ النفس بالأفكار الحسنة.

 

إن أُهِنْتَ: فالرياح هي التي تضربُكَ. وإن غضبْتَ: فالموج هو الذي يَرتَفع. وحين تظهر التجربة: فالرياح هي التي تهبّ. وحين تَضطَرب نفسُكَ: تكون الأمواج هي التي تعلو... أيقِظْ الرّب يسوع المسيح، دَعهُ يكلّمُكَ. "مَنْ تُرى هذا حتَّى الرِّياحُ والأَمواجُ يَأمُرُها فتُطيعُه!"...

 

"لَه البَحرُ وهو صَنَعَه" (مز 95[94]: 5) "وبِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان" (يو 1: 3)... تَشبَّهْ بالرياح والبحر: أطِعْ الخالق. لقد سمعَ البحر أمرَ الرّب يسوع المسيح؛ وأنتَ، هل تريد أن تبقى أصمًّا؟

 

البحر أطاعَ، والريح سكنَتْ. وأنتَ، هل تريدُ أن تستمرّ في العصف؟ ماذا نعني بذلك؟ التكلّم، والاضطراب، والتأمّل بالانتقام... ألا يعني هذا كلّه مواصلة العصف ورفض الهدوء ورفض تنفيذ طلبات الرّب يسوع المسيح؟ عندما يكون قلبك مضطربًا، لا تدَع الأمواج تكتَسِحُك.

 

ومع هذا، إذا قَلبَتْنا الريح -لأنّنا لسنا سوى بشر -وإذا أثارَتْ فينا أهواء قلبنا الرديئة، فلا نَفقِدّنَّ الأمل. فَلنوقِظ المسيح، حتّى نواصلَ سفرنا على بحرٍ ساكن ونبلغَ إلى وطننا الحقيقي.

القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)،

أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة