قف أيّها الإنسان واعتبر «القوت اليومي

 

 

 

 

 لقد أطفئت شموع الشّعانين وذَبُلَ الزَّيتون واحترق النَّخيل وتهاوى مجد الإستقبال الملوكيّ، خفيف الخطى نحو بستان الزَّيتون. قف أيّها الإنسان واعتبر.

 

 

دخلنا أسبوع الآلام. دخلنا الزّمن الذي نتعرَّى فيه من كلِّ ما يَسْتُر كبرياءنا وإتّكالنا على قوانا وقدراتنا وعقلنا وفطنتنا وهيْبَتِنا.

 

في هذا الزّمن، تسقط الستائر التي تحجبنا عن حقيقة ذاتنا، فنقفُ أمام لا أحد، أمام الأنا التي تكشف نفسي لنفسي، فأدركُ ما كان غائبًا عن وعيي الكامل، وانتباهي لما في كياني من ضعفٍ ووهنٍ وأثقال تراب، تقف غالبًا في طريق إكتشافي لعظمةٍ وهبني الله إيّاها فجعلني بإرادته وملء حبِّه إبنًا حبيبًا له، لا يدانيه في القرب من قلبِ الله أيُّ من مخلوقاته، حتّى الملائكة.

 

في هذا الزّمن، أقفُ عريانًا أمام عظمةِ الألمِ، فتتزاحمُ في خاطري حقائق، أراني أمام كلِّ واحدة منها إنسانًا يكتشفُ في إنسانيَّته، ما لم يكن يراه في أزمنة القوَّة والصحّة والسّلطةِ والمجدِ الأرضيِّ، بلمعاتِه التي تخطفُ البصرَ عن حقائق يجعلُها الألمُ صارخةً: تعال وانظُرْ مَن أنت، فتدرك أولى الحقائق.

 

 

الأب كميل مبارك