لأنَّ الذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها «القوت اليومي

 

 

«لأنَّ الذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها، وأمَّا الذي يَفقِدُ حَياتَهُ في سبيلي فإنَّه يَجِدُها»

 

 

يا ربّنا يسوع المسيح،... نحن متعلِّقون بحياتنا. لا نريد أن نتخلّى عنها، بل أن نحفظَها كليًّا لذواتنا. نودّ امتلاكها، وليس تقديمها للآخرين. لكنّكَ تسبقُنا وتكشفُ لنا أنّه فقط بتقديم حياتنا نخلِّصُها... الصّليب... تقدمة ذواتنا... يرهبُنا كثيرًا.

 

لكنّكَ على درب صليبكَ قد حَملْتَ صليبي أيضًا، ولم تَحملْه في أيّ وقتٍ من الماضي، لأنّ حبّك معاصر لوجودي. أنتَ تحملُه اليوم معي ومن أجلي، وبطريقةٍ رائعةٍ، تريدُني أنا أيضًا اليوم، مثل سمعان القيروانيّ، أن أحملَ معكَ صليبَكَ وأرافقَكَ وأضعَ نفسي معكَ في خدمة فداء العالم...  

 

آزِرْنا يا ربّ، ليس فقط لمرافقتِكَ بأفكارٍ نبيلةٍ، بل للسير على دربِكَ بقلبِنا، وبخطواتٍ ثابتةٍ في حياتنا اليوميّة... حرِّرْنا من الخوف من الصليب، حرِّرْنا من الخوف من سخرية الآخرين، حرِّرْنا من الخوف من إفلاتِ حياتنا منّا إذا لم نتشبَّثْ بكلّ ما توفِّره لنا.

 

ساعِدْنا لإسقاط قناع التجارب التي تعدُ بالحياة، لكنّها تتركنا، في نهاية المطاف، خائبينَ وبدون هدف. ساعِدْنا كي لا نجعلَ ذواتنا أسياد الحياة، بل واهِبيها.

 

بمرافقَتِنا لكَ على درب "حَبَّة الحِنطَة التي تَقَعُ في الأرض لِتُخْرِجَ ثَمَرًا كثيرًا" (يو 12: 24)، ساعِدْنا يا ربّ أن نكتشفَ، "من خلال فقدان حياتِنا" طريق الحبّ، الطريق الذي يوفِّرُ لنا الحياة الحقيقيّة، الحياة بوفرة (يو 10: 10).

 

 

الكردينال جوزف راتزنغر​