«لأنَّ جَسَدي طَعامٌ حَقّ وَدمي شَرابٌ حَقّ» (يو6: 55) «القوت اليومي

«لأنَّ جَسَدي طَعامٌ حَقّ وَدمي شَرابٌ حَقّ» (يو6: 55)

 

 

أيّها الأخوة الأعزّاء، ارتَووا من مياه الينبوع الإلهي الذي نريد أن نحدّثكم عنه؛ ارتَووا، لكن حافظوا على الرغبة في الشرب؛ اشربوا، ولا ترتَوا. إنّ الينبوع الحيّ، ينبوع الحياة يدعونا ويقول لنا: "إن عَطِشَ أحَدٌ فليُقبِلْ إليَّ" (يو 7: 37).

 

افهموا ما تشربون. فليَقلْ لكم النبيّ ذلك وليَقل لكم الينبوع أيضًا: "يَقولُ الربّ: فإنَّ شَعْبي صَنَعَ شَرَّين: تَرَكوني أَنا يَنْبوعَ المِياهِ الحَيَّة" (إر 2: 12-13). إنّ الربّ بذاته هو إلهنا، يسوع المسيح، ينبوع الحياة؛ لذا، دعانا إلى المجيء إليه لنرتوي منه. يرتوي منه مَن يحبّ، ويرتوي مَن يتغذّى من كلام الله...

 

فلنشرب إذَا من الينبوع الذي تخلّى عنه الآخرون. كي نأكلَ من هذا الخبز، ونشربَ من هذا الينبوع... الذي قال عن نفسه: "أَنا الخبزُ الحَيّ؛ مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبزِ يَحيَا لِلأبد (يو 6: 51)، وعلينا أن نأكل منه...

 

أنظروا من أين يتدفّق الينبوع، وانظروا أيضًا من أين ينزل هذا الخبز: في الواقع، إنّه هو بذاته الخبز والينبوع، الابن الوحيد، إلهنا، ربّنا يسوع المسيح، الذي يجب أن نتوق دائمًا إليه. حبّنا يعطينا إيّاه غذاءً، ورغبتنا تجعلنا نأكله؛ حتّى حين نشبع، نتوق أيضًا إليه.

 

فلنُقبِل إليه كما نُقبل إلى ينبوع مياه، ولنشرب منه بفائضٍ دائمٍ من محبّتنا، ولنستمدّ فرحنا من حلاوة حبّه. الربّ وديع ومتواضع. نحن نأكله ونشربه، بدون أن يرتوي جوعنا وعطشنا إليه، لأنّنا لا نستطيع أن نستنفد هذا الطعام وهذا الشراب.

 

نأكل من هذا الخبز، ولا نستنفده؛ ونشرب من هذا الينبوع، ولا ينضب. هذا الخبز هو أزلي وهذا الينبوع يتدفّق بدون نهاية.

القدّيس كولومبانُس (563 - 615)​