لتكونَ لهم الحياةُ «القوت اليومي

 

 

«أمّا أنا، فَجِئتُ لتكونَ لهم الحياةُ، بل مِلء الحياةِ»

 

بصفتنا مرضى، نحتاج إلى المخلِّص؛ بصفتنا تائهين، نحتاج إلى مَن يقودنا؛ بصفتنا عطشين، نحتاج إلى نبع المياه الحيّة؛ بصفتنا أمواتًا، نحتاج إلى الحياة؛ بصفتنا خرافًا، نحتاج إلى الراعي؛ بصفتنا أطفالاً، نحتاج إلى المربّي؛ والإنسانيّة كلّها تحتاج إلى الرّب يسوع...

 

إن أردتم ذلك، يمكننا أن نفهم الحكمة المطلقة للراعي وللمعلِّم، الذي هو كلّي القدرة وكلمة الآب، حين يستعين باستعارة ويقول إنّه راعي الخراف؛ لكنّه أيضًا مربّي الصغار. بهذه الطريقة، توجّه إلى الأقدمين بواسطة حزقيال وأعطاهم المثال على عنايتِه: "فأبحَثُ عن الضالّةِ وأردُّ الشارِدةَ وأجبرُ المكسورةَ وأُقوّي الضعيفةَ وأُهلِكُ السمينةَ والقويّةَ وأرعاها بعدلٍ" (حز 34: 16).

 

نعم أيّها المعلِّم، قُدْنا نحو مراعي عدلِكَ الخصبة. نعم أنتَ يا مربِّيَنا، كنْ راعيَنا حتّى نبلغَ الجبل المقدّس، حتّى نبلغَ الكنيسة التي ترتفع فوق الغيوم وتلمس السموات. كما قال: "سأكون راعيَها وسأكون بالقرب منها" (حز 34: 12). هو يريد أن ينقذ جسدي بإلباسِه ثوب الكمال... "حينئذٍ، تدعو فيستَجيبُ الربّ وتستغيثُ فيقولُ: هاءَنذا" (إش 58: 9)...

 

هكذا هو مربِّيَنا: إنّه طيّب بطريقة عادلة. "هكذا ابنُ الإنسانِ لم يأتِ لِيُخدَمَ، بل لِيَخدُم" (مت 20: 28). لذا، أظهر لنا الإنجيل يسوع مُتعبًا (يو 4: 6)، هو الذي تعبَ من أجلنا ووعدَنا بأنّه "سيَفدي بحياتِه كثيرًا من الناس" (مت 20: 28).

 

كما أكّد أنّ الراعي الصالح وحدَه يتصرّف بهذه الطريقة. يا له من واهبٍ رائع، ذاك الذي أعطانا أغلى ما يملك: حياته! يا له من محسنٍ، رفيق البشر، ذاك الذي أراد أن يكون أخاهم بدل أن يكون سيّدهم! وقد بلغَتْ به الطيبة إلى حدّ أنّه ماتَ من أجلنا.

 

القدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150-  215)