لو شِئتُ أَن يَبْقى إِلى أَن آتي، فما لَكَ وذلك؟ «القوت اليومي

 

 

 

«يا ربّ، وهذا ما شأنُه؟... لو شِئتُ أَن يَبْقى إِلى أَن آتي، فما لَكَ وذلك؟ أَمَّا أَنتَ فَاتبَعْني»

 

 

إنّ الله لا يقود جميع النّفوس على الدَّرب نفسه. فمَن يعتقد أنه سائر على الدَّرب الأكثر تواضعًا قد يكون الأعظم بنظر الربّ. إن كانت كلهنّ في هذا الدير تلتزمن بالصلاة، فهذا لا يعني أنه يجب أن تمارسن التأمّل. هذا أمر مستحيل وتجاهل هذه الحقيقة قد يقود أولئك اللواتي لا يفعلن ذلك إلى اليأس... 

لقد أمضيت أكثر من أربعة عشر سنة بدون أن أتمكّن من التأمل إلاّ من خلال القراءة، ولا شكّ أنّ الكثيرات تعانين من هذه الحالة. ثمّة مَن يعجزن عن التأمّل حتّى بواسطة الكتاب. فهنّ لا يستطعن سوى ممارسة الصلاة الشفهيّة: هذا يجعلهنّ أكثر ثباتًا... وعددهنّ ليس بالقليل. لكن إن كنّ متواضعات، فهذا لا يعني أنهنّ ستكنّ الأقلّ حظًّا في نهاية المطاف. وأعتقد أنهنّ ستسرن جنبًا إلى جنب مع النفوس المفعمة بالتعزية. بطريقة ما، ستكون دربهنّ أكثر أمانًا لأننا نجهل هل هذه التعزيات آتية من عند الله أم هل هي من عمل الشيطان... 

أولئك اللواتي لا يشعرن بالتعزية، يسرن بخضوع خوفًا من ارتكاب الأخطاء. وهنّ يسعين دائمًا إلى التقدّم. إن رأين أحدًا يزرف دمعة ولم تفعلن مثله، تعتقدن أنها علامة تأخّر في خدمة الله في حين أنهنّ ربّما سبقن الأخريات بكثير. في الواقع، إن كانت الدموع صالحة، فهذا لا يعني أنها تدلّ على الكمال. وهناك دائمًا أمان أكثر في الخضوع والتقشّف والتخلّي والفضائل الأخرى. إذًا، لا تخشين شيئًا وقلن لأنفسكنّ أنكنّ ستبلغن الكمال على مثال كبار المتأمّلات. 

 

 

القدّيسة تيريزيا الآفيليّة (1515 - 1582)،

راهبة كرمليّة وملفانة الكنيسة