نعيش لكي نُظهِر الله للبشر. «القوت اليومي

 

 

إن دعوة الرّب لبطرس ليكون راعيًا (راجع يو 21: 15-17)... ـ تأتي بعد آية الصيد العجيب: فبعد ليل طويل، ألقى فيه التلاميذ شباكهم بدون نتيجة، رأوا على الضفّة الرّب القائم من بين الأموات. وإذ حضّهم على الصيد مرّة أخرى، فامتلأت شبكاهم، حتّى إنّهم عانوا لجلبها إلى الشاطئ، لأنّها "امتلأَت بِمِائَةٍ وثَلاثٍ وخَمسينَ سَمَكةً مِنَ السَّمَكِ الكَبير، ولم تَتَمزَّقِ الشَّبَكةُ معَ هذا العَدَدِ الكَثير".

يقابل هذا الحدث الّذي تمّ في نهاية مسيرة الرّب يسوع الأرضيّة مع تلاميذه خبرَ البدايات (لو5: 1-11): حينها أيضًا، لم يفلح التلاميذ في الصيد طوال الليل، وعندها قام الرّب يسوع بدعوة سمعان لكي يذهب إلى عرض البحر. أمّا سمعان، الّذي ما كان دعي بعد بطرس، فقد جاوب جوابًا رائعًا: "يا مُعَلِّم، تَعِبْنا طَوالَ اللَّيلِ ولَم نُصِبْ شَيئاً، ولكِنِّي بِناءً على قَولِكَ أُرسِلُ الشِّباكَ". فأتاه على الفور تأكيدٌ لرسالته: "لا تَخَفْ! سَتَكونُ بَعدَ اليَومِ لِلبَشَرِ صَيَّاداً". 

اليوم أيضًا تُدعى الكنيسة ومعها خلفاء الرسل إلى الذهاب باتّجاه عرض محيط التاريخ، ليرموا شباكهم، ويربحوا البشر للرّب يسوع المسيح، ولله وللحياة الحقّة. قد أفرد الآباء تعليقًا خاصًّا لهذه المهمّة الفريدة. فقالوا: إنّ خروج السمك من الماء يقود إلى الموت، لأنّه مخلوق من أجل الماء. ينزع عن السمك العنصر الحيويّ، ليكون غذاءً للبشر؛ أمّا بالنسبة إلى رسالة صيّادي البشر، فالعكس هو الصحيح. نعيش نحن البشر متغرّبين في مياه الألم والموت المالحة، في محيط الظلمة ونحن غريبين عن النور. تجذبنا شباك الإنجيل إلى خارج مياه الموت وتدخلنا في بهاء النور الإلهيّ وفي الحياة الحقّة. هكذا هو الوضع إذًا: في رسالة صيّادي البشر لإتّباع الرّب يسوع المسيح، يجب جذب البشر خارج محيط كلّ أشكال الغربة، إلى أرض الحياة وإلى النور الإلهيّ. هكذا هو الوضع إذًا: إنّنا نعيش لكي نُظهِر الله للبشر.

 

 

بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما