هو حاضرٌ فيما بيننا «القوت اليومي

 

إنّ الرّوح القدس يظلّ هو ذاته،

ويثمر باسم المسيح شتّى الفضائل حسبما يشاء الله.

فهو يستعمل لسان هذا، يوجّهه شطر الحكمة،

وينير عقل ذاك بموهبة النّبوّة،

يهب لهذا سلطان تفسير الكتب الإلهيّة،

يرسّخ فضيلة الإعتدال في بعضهم،

ويلقّن غيرهم ممارسة الإحسان أو الصّوم،

ويعدّ آخرين للإستشهاد:

إنّه مختلف في كلّ واحدٍ، لكن دون أن يتغيّر في ذاته.

 

يأتي الرّوح القدس ليُخلّص، ليَشفي،

ليُعلّم، ليُنبِّه،

ليُقوّي، ليُعزّي،

ليُنير الذهن، يفعل كلّ هذا في مَن يقبله.

كما أنّ من يُشاهد الشّمس فجأةً، بعد مكوثه في الظلام،

يستنير بصره فيُميّز بوضوح ما لم يكن يراه قبلاً،

كذلك مَن يتقبّل الرّوح القدس، تستنير نفسه،

وإذ يتعالى فوق حالته البشريّة، يرى ما لم يكن يُعرَف.

 

إنّ الرّوح القدس لعظيمٌ وقديرٌ في مواهبه وعجيب.

إنّه يعمل في كلّ واحدٍ منكم، بطريقة خاصّة فريدة.

هو حاضرٌ فيما بيننا،

ويرى إستعداد كلّ واحد،

يعرف أفكاره وخفايا ضميره،

يعرف ما نقوله وما نفكّر به.

 

كما أنّ النور إذ يُرسل شعاعاً واحداً يُنير الأشياء كلّها،

هكذا الرّوح القدس يُنير كلّ مَن له عينان.

أمّا إذا رفض أحدهم أن يفتح عينيه فحُرِمَ النّعمة،

فلا يلومنَّ الرّوح، بل فليلمْ عدم إيمانه...

 

القدّيس كيرلّس الأورشليميّ