1 أيار تذكار النبي ارميا «على درب القداسة

 

 

 

1 أيار تذكار النبي ارميا

 

هو ثاني الأنبياء الأربعة الكبار. وُلِدَ في اليهودية. كان أبوه حلقيا كاهنًا. قدّسه الله وهو في جوف أمه، كما قال القديس أغوسطينوس، مستنداً الى ما جاء في الفصل الأول من نبوءته:" فكانت كلمة الرّبّ الي قائلاً: قبل أن أُصورك في البطن، عرفتك، وقبل أن تخرج من الرحم قدستك وجعلتك نبيًّا للأمم" (ارميا 1: 4و5).

 

دعاه الله وهو فتى لا يتجاوز خمس عشرة سنة، فخاف من عبء هذه الدعوة الشاقة، فقال:" آه أيّها السيد الرّبّ هاءنذا لا اعرف أن اتكلم، لأني صبي. فقال له الرّبّ: لا تقل اني صبي فإنك لكل ما ارسلك تنطلق وكل ما آمرك به تقوله. لا تخف من وجوههم، إني معك لأنقذك، يقول الرّبّ" (ارميا 1: 6- 8).

 

تنبأ بعد السبي وقبل السبي الأول والثاني. وقد تمت نبوءته في خراب أورشليم، فقام يندبها ويبكي عليها بمراثيه الشهيرة برقة العاطفة وعميق الشعور. وكان يُشاهد الحوادث المريعة التي نزلت بمملكة يهوذا وما كان يرتكبه الشعب من الشرور والمعاصي، فقام إرميا يقرِّعهم وينذرهم بالويلات:" انذهلي أيّتها السماوات من هذا واقشعرّي وانتفضي جدًا، يقول الرّبّ. فان شعبي صنع شرّين: تركوني أنا ينبوع المياه الحية واحتفروا لهم آباراً مشققة لا تمسك الماء...".

 

فقام عليه الأنبياء الكذبة يقبِّحون كلامه ويخادعون الملوك والزعماء ويوغرون صدورهم عليه. أمّا هو فلم يكن ليهاب الملوك ولا يخشى كبيرًا أو صغيرًا في الدفاع عن الحقّ وعن الإنذار بكلمة الله. ولم يكترث لأولئك الأنبياء الكذبة، بل أخذ يقرِّعهم بقوله:" ويل للرعاة الذين يبددون ويشتتون غنم رعيتي، يقول الرّبّ، هاءنذا افتقد عليكم شرّ أعمالكم يقول الرّبّ...".

 

فهاج عليه الشعب وعدوه خائنًا فراموا قتله، فاختبأ هو تلميذه باروك الذي كان كلفه قراءة درج النبوءات عليهم. وعاد ملك بابل وحاصر أورشليم في عهد صدقيّا الملك الذي عصاه، فضيّق عليها الحصار حتى مات كثيرون من الموت وأكل بعضهم بعضًا، وأخذ صدقيا أسيرًا وسبى الشعب إلى بابل. وأحرق الكلدانيون بيت الملك وبيوت الشعب بالنار هدموا أسوار أورشليم. وبقي إرميا في وطنه حيث كتب مراثيه الرائعة ووجّه برسائله إلى من هم في الجلاء يتنبأ لهم بأنهم سيرجعون إلى أورشليم بعد سبعين سنة كما تنبأ على ملك المسيح ابن داود.

 

وأراد الذين تركهم الأشوريون أن يجلوا إلى مصر، فمانعهم إرميا فلم يسمعوا له، بل أكرهوه على الذهاب معهم، وهناك استأنف نبوءته وتحذيره إيّاهم من غضب الله، فهجموا عليه ورجموه بالحجارة فمات شهيد إنذاره بكلمة الحق. وكان ذلك سنة 586 قبل المسيح. وقد تمت نبوآته جميعها وهي تحتوي على إثنين وخمسين فصلاً. صلاته معنا. آمين.