17 تموز تذكار القديسة مارينا «على درب القداسة

 

 

 

 

 

17 تموز تذكار القديسة مارينا

 

 

 

ولدت هذه القديسة في القلمون، من لبنان الشمالي. وكان والدها تقيًّا. ماتت والدتها في سن الصبا فزهد أبوها في الدنيا، وجاء الى دير قنوبين في الوادي المقدس مع إبنته التي ألبسها زي الرجال وترهبت دون أن يقف الرهبان على سرّها. وعُرفت عندهم باسم الأخ مارينوس.

 

وكان مارينوس رغم حداثته منعكفاً على ممارسة الفضائل الرهبانية بكل دقة ونشاط. يلازم الصمت والإحتشام مطرق النظر، جاعلاً من إسكيمه لثاماً يَحجب ملامح وجهه وعينيه ولا يُسمع له صوت. فأرسله الرئيس ذات يوم الى البلدة المجاورة في مهمة للدير، فاضطر أن يبيت عند أحد اصدقاء الرهبان المدعو بفنوتيوس وله إبنة صبية، كانت قد سقطت في زنى وبَانَ حبلها بعد حين. فغضب أبوها جداً فأخبرته بأن الراهب مارينوس إغتصبها، ليلة بات عندهم. فأسرع أبوها الى الدير وشكا الامر للرئيس. فدهش لِما يعلم عن راهبه من الطهارة والتقى.

 

فاستدعى مارينوس ووبخه فلم يفه بكلمة تبرئه. فوقع الرئيس في حيرة، وعد السكوت اقراراً بالذنب وحكم على مارينوس بالطرد خارج الدير. فرضخ مارينوس مستسلماً لمشيئة الله واستمر على باب الدير مصلياً باكياً يعيش من فضلات مائدة الرهبان. وكان أبوه قد توفي.

 

أمّا الإبنة فولدت صبياً، جاء به أبوها الى الدير ودفعه الى مارينوس قائلاً:

 

" ربِّ ابنك!"

فأخذه مارينوس وشرع يربيه ويغذيه مما تكرم به الرهبان من حليب ماعز الدير وفضلات مائدتهم. وبقي على هذه الحال أربع سنوات، حاملاً عار تلك التهمة الشائنة لا يئن ولا يتذمر. على أن الرئيس رَقَّ له يوماً وأدخله الدير فارضاً عليه قصاصاً شديداً، فقبل ذارفاً دموع التوبة.

 

وظل مثابراً على أعمال التقشف إلى أن دنت ساعة وفاته. فأشرقت أسارير وجهه بنور سماوي وطلب المغفرة من الجميع، غافراً لمن أساء اليه. ثم أسلم الروح. فأمر الرئيس بتجهيز جثمانه ودفنه خارج الدير.

 

وما أعظم ما كانت دهشة الرهبان عندما رأوا أن مارينوس إمرأة لا رجل! فجثا الرئيس مع رهبانه أمام الجثمان الطاهر مستغفرين الله وروح القديسة البارّة. أمّا والد الإبنة الساقطة فالتحف الخجل وجاء يعترف بخطأه أمام الجميع. وأمّا ابنته فأقامت على قبر القديسة تذرف الدموع نادمة على ما فعلت.

 

واشتهرت قداسة مارينا في لبنان فأسرع الناس أفواجاً الى دير قنوبين للتبرك من جثمانها. وأضحى ضريحها ينبوع نعم وأشفية عديدة. صلاتها معنا. آمين!