4 كانون الأول تذكار برباره الشهيدة «على درب القداسة

4 كانون الأول تذكار برباره الشهيدة

 

ولدت برباره في مدينة نيقوميدية. وكان أبوها ديوسيقورُس غنيًّا وثنيًّا متعصبًّا. فأحسن تربيتها بالعلوم والآداب. وبما أنّها كانت رائعة الجمال وضعها في برجٍ حصين، وأقام من حولها الأصنام لتظلّ متعبّدة للآلهة.

 

فأخذت تتأمّل في هذا الكون وتبحث عن مبدعه. ولم ترَ في الأصنام سوى حجارة صُم لا يُرجي منها خير. فأتاح لها الله أن تتصل بالمعلّم فالنتيانوس فأخذ يشرح لها أسرار الدّيانة المسيحيّة وتعاليم الإنجيل السّامية. فأذعنت بربارة لهذا المُرشد الحكيم وآمنت بالمسيح وقبلت سرّ العماد المقدّس، ونذرت بتوليّتها للرّبّ يسوع.

 

وكانت مُثابرة على الصّلاة والتأمل وقراءة الكتب المقدّسة. وأمرت خدّامها، وبينهم مسيحيّون، بتحطيم ما حولها من الأصنام. غضب أبوها وأوسعها شتمًا وضربًا وطرحها في قبو مُظلم، فقامت تصلِّي الى الله ليقوّيها على الثبات في إيمانها.

 

وفي الغد أتى بها أبوها، مكبَّلة بالسّلاسل، إلى الوالي مركيانوس. فاستشاط الوالي غيظًا من ثباتها في الإيمان بالمسيح، وأمر بجلدها بأعصاب البقر، فتمزّق جسدها وتفجرت دماؤها، وهي صابرة صامتة.

 

ثم طرحوها في السّجن، فظهر لها السيّد المسيح وشفاها من جراحها. وفي الصباح رآها الحاكم صحيحة الجسم مُشرقة الوجه، فابتدرها قائلاً: "إنّ الآلهة شفقت عليكِ وضمَّدت جراحكِ". فأجابت: "إنّ الذي شفاني هو يسوع المسيح ربّ الحياة والموت". فتميَّز الحاكم غيظًا وأمر بجلدها ثانية حتّى تناثر لحمها. ثمّ أمر بقطع رأسها فتمّت شهادتها عام 235. صلاتها معنا. آمين.

 

وفي هذا اليوم أيضاً

 

 تذكار مار يوحنّا الدّمشقيّ

 

ولد يوحنّا في مدينة دمشق الشّام، في آواخر القرن السّابع، وكان أبوه سرجيوس بن منصور حاكمًا على المدينة، مشهورًا بالفضل والتُّقى، فاهتمّ بتربية ابنه وتثقيفه ثقافة عالية.

 

وبعد وفاة أبيه سرجيوس، أسندت اليه وظيفته. وكان الخليفة يجلُّه ويعتبره جدًّا فقرَّبه منه وجعله نجيَّ سرِّه.

 

وفي تلك الأثناء، أشهر الملك لاون الأيصوري الحرب على الصّور والأيقونات مُهدِّدًا بالعذاب والموت كلّ من يُقدم على تكريمها.

 

فقام يوحنّا يناهض تلك البدعة ويُدافع بقلمه ولسانه عن تكريم الأيقونات وعن تقليد الكنيسة وعن معتقدها الصّحيح، بأنّ إكرامها للأيقونات موَّجه إلى أشخاصٍ مَن تمثلهم، طلبًا لشفاعتهم، وليس للمادة التي تمثل الأشخاص، كما كانت عبادة الوثنيّين لأوثانهم.

 

فكان ذلك سبباً لإثارة غضب الملك... فزوَّر رسالة تقلَّد بها خط يوحنّا وضمَّنها الشّكوى من سوء معاملة المسلمين للمسيحيّين، وإنّه يطلب إرسال جيش لمحاصرة دمشق وهو يفتح له أبوابها. وأرسل الملك تلك الرّسالة المزوَّرة إلى الخليفة. فاستشاط غيظًا، وعلى الفور، استحضر يوحنّا وكاد يفتك به، دون أن يحاكمه أو يسمع له.

 

ولكن الخليفة تأكّد من براءة يوحنّا ورداءة خصمه لاون، فأعاده إلى وظيفته. أمّا هو فقد عافى الدّنيا، وترك وظيفته وباع أملاكه ووزّع ثمنها على الفقراء والأيتام، وذهب إلى فلسطين ودخل دير القدّيس سابا، حيث انكبَّ على ممارسة الحياة الرهبانيّة بكلّ دقّة ونشاط، منعكفًا على التآليف ومُطالعة الكتب المقدّسة. وامتاز بفضلتَيّ الطاعة والتواضع وقد زاره البطريرك يوحنّا الأورشليمي ووكل إليه الوعظ والإرشاد في كنيسة القيامة.

 

ولم يتخلّف عن الذهاب إلى القسطنطينيّة للدّفاع عن المُعتقد الكاثوليكيّ، ضدّ محاربي الأيقونات، بما أوتيه من جُرأة وفصاحة نادرة.

 

ثمّ عاد إلى ديره في فلسطين، حيث قضى سنيّه الأخيرة في الصّلاة وتأليف الكتب ونظم الأناشيد الكنسيّة البديعة، ورقد بالرّبّ نحو سنة 756. صلاته معنا. آمين.