البابا يتابع تعاليمه حول العائلة «متفرقات


البابا يتابع تعاليمه حول العائلة



استأنف البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلاته العامّة مع المؤمنين بعد توقف استمرّ شهرًا ونيّف.


قال البابا: أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير! نستأنف مع هذا التّعليم تأملاتنا حول العائلة. بعد أن تحدثتُ، في المرّة الأخيرة، عن العائلات المجروحة بسبب انعدام التّفاهم بين الأزواج، أودُ أن نوجّه إهتمامنا اليوم إلى واقع آخر: كيف نعتني بمن دخلوا في علاقة إتّحاد جديدة بعد الفشل النّهائيّ لرباطهم الزّوجي.


إن الكنيسة تعلم جيّدًا أن وضعًا كهذا يتعارض مع السرّ المسيحيّ. بيد أن نظرتها كمعلّمة مستمدّة دائمًا من قلب أمّ؛ قلب وإذ يحركه الرّوح القدس، يبحث دائمًا عن خير الشّخص وخلاصه. لذا تشعر بواجب "تمييز الأوضاع جيدًا" ... "مُحبَّةً بالحقيقة". هذا ما عبّر عنه القديس يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرّسوليّ "وظائف العائلة المسيحيّة" (رقم 84)، مشيرًا على سبيل المثال إلى الفرق بين من عانى الإنفصال ومن سَبَبَهُ. لا بدّ من القيام بهذا التّمييز.


وإذا ما نظرنا إلى هذه العلاقات الجديدة بأعين الأبناء الصّغار، أي الأطفال، نرى بوضوح أكبر إلحاحيّة قبول واقعي في جماعاتنا للأشخاص الذين يعيشون أوضاعًا مماثلة. لذا، من الأهميّة بمكان، أن يولي أسلوب الجماعة ولغتها ومواقفها اهتمامًا أكبر بالأشخاص، بدءًا من الصّغار.


ثم كيف يمكننا أن نوصي هؤلاء الوالدين بأن يقوموا بما في وسعهم لتربية أبنائهم على الحياة المسيحيّة، مقدّمين لهُم مثالا للإيمان الواثق والمعاش، إذا أبقيناهم على مسافة من حياة الجماعة؟ ينبغي ألا نزيد من الأعباء التي يتعين على الأبناء أن يتحملوها في هذه الأوضاع! للأسف إن عدد هؤلاء الأطفال والفتيان كبير فعلاً. من الأهميّة بمكان أن يشعروا بأنّ الكنيسة تهتمّ بالجميع كأمّ وهي دومًا مستعدّة للإصغاء والتّلاقي.


خلال العقود الماضية، لم تكن الكنيسة في الواقع عديمة الشّعور أو خمولة. بفضل التّعمق الذي قام به الرّعاة، بإشرافٍ وتثبيت من أسلافي، نما كثيرًا الإدراك حيال ضرورة القبول الأخويّ والمتنبّه، في المحبّة والحقيقة، تجاه المعمَّدين الذين أقاموا تعايشًا جديدًا بعد فشل الزّواج الأسراريّ؛ في الواقع، إن هؤلاء الأشخاص ليسوا إطلاقـًا تحت الحُرم، ولا ينبغي أن يُعاملوا على هذا الأساس: إنّهم جزء من الكنيسة على الدّوام. لقد تطرق البابا بندكتس السّادس عشر إلى هذه المسألة حاثـًّا على تبنّي تمييز متنبّه ومرافقة رعويّة حكيمة، مدركًا أنّه لا توجد "وصفات بسيطة" (الخطاب لمناسبة اللّقاء العالميّ للعائلات، ميلانو، 2 حزيران يونيو 2012، الإجابة رقم 5).


من هنا الدّعوة المتكرّرة للرُّعاة إلى التّعبير بشكل علنيّ ومتماسك عن استعداد الجماعة لقبول هؤلاء الأشخاص وتشجيعهم كي يعيشوا وينمّوا دائمًا انتماءهم للمسيح والكنيسة من خلال الصّلاة والإصغاء لكلمة الله والمشاركة في اللّيتورجيّا والتّربيّة المسيحيّة للبنين وأعمال المحبّة وخدمة الفقراء والإلتزام لصالح العدالة والسّلام.


إن الأيقونة البيبلية للرّاعي الصّالح (يوحنا 10، 11-18)  تختصر الرّسالة التي نالها يسوع من الآب: ألا وهي بذلُ الحياة في سبيل الخراف. هذا الموقف هو نموذجيّ أيضًا بالنّسبة للكنيسة التي تقبل أبناءها كأم وتبذل حياتها في سبيلهم.


"الكنيسة مدعوّة لأن تكون دائمًا بيت الآب المفتوح (...) ويستطيع الجميع أن يشاركوا بطريقة ما في الحياة الكنسيّة، وأن يكونوا جزءًا من الجماعة. الكنيسة (...) هي البيت الأبويّ حيث يوجد مكان لكلّ شخص مع حياته الشّاقة" (الإرشاد الرّسوليّ فرح الإنجيل، رقم 47).


كما أن كلّ المسيحيّين مدعوّون إلى التمثّل بالرّاعي الصّالح. بالأخصّ تستطيع العائلات المسيحيّة التعاون معه معتنية بالأُسر المجروحة ومرافقة ً إيّاها في حياة الإيمان للجماعة.  فليَقم كلّ واحد بدوره متبنيًا موقف الرّاعي الصّالح الذي يعرف كلّ واحد من خرافه ولا يستثني أيًّا منها من محبّته اللّامتناهية!


في الختام وجّه البابا تحياته المعتادة إلى وفود الحجّاج والمؤمنين ومنح الكلّ بركاته الرّسوليّة.


إذاعة الفاتيكان.