الصعوبات المنزليّة الّتي تعترض العائلة، وكيفيّة معالجتها «متفرقات

 

 

 

 

الصعوبات المنزليّة الّتي تعترض العائلة، وكيفيّة معالجتها

 

 

 

عقدت قبل ظهر يوم خميس ندوة صحفية في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام،  تحت عنوان "الصعوبات المنزليّة الّتي تعترض العائلة، وكيفيّة معالجتها"، شارك فيها مدير المركز الخوري عبده أبو كسم، رئيسة جمعيّة "Breath of an Angel" السيّدة كارلا كشيشيان واكيم، والمسؤولة عن الخدمة الإجتماعيّة في جمعيّة كفى السيّدة سيلين الكك، بحضور سيّدات من جميعة "Breath of an Angel"، ولفيف من المهتمين والإعلاميين.

 

 

 

رحَّب الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال:

 

"اليوم نحن نجتمع من أجل العائلة اللبنانيّة والعائلات في لبنان، نحن في مجتمع نحافظ فيه على مفهوم العائلة المسيحيّة والعائلة اللبنانيّة. الأسبوع الماضي كان هناك ندوة لجمعيّة "سعادة السّماء" التي تهتم بإعادة تأهيل المدمنين على المخدرات وسمعنا فيها عن تلك الآفة التي تضرب شبيبتنا، وفهمنا جيّداً مدى مسؤوليّة العائلة في حماية أبنائها، ونحن في لبنان نعاني من نقص كبير في الخدمات الإجتماعيّة والإستشفائيّة والتعليميّة وحتى من الحصول على أبسط حقوقنا في هذا الوطن.

 

كلّ العائلات في العالم المتمدن الرّاقي والتي تحترم نفسها، المواطن والفرد والعائلة ينعم بتقديمات تؤمِّن له كرامته الإنسانيّة. ففي تلك الدول العائلة محميّة من ناحية، العلم مؤمّن للجميع وأيضاً الجامعة والطبابة، وبالتالي كلّ مقوِّمات العائلة الثقافية والإجتماعيّة موجودة. نحن هنا في لبنان الأغنياء والمقتدرين وحدهم يستطيعون تأمين هذه الحقوق والمتطلبات، وتواجه العائلة هذه الصعوبات ومنها تنطلق المشاكل داخل العائلة ولا نعلم إلى أين تصل.

 

للأسف الشديد نحن نمرّ في أزمة على صعيد العلاقات بين أفراد العائلة الرَّجل والمرأة في المنزل، وهذا ظاهر من خلال الدعاوى الزوجيّة (الطلاق) التي تقدّم إلى محاكمنا، ونسبتها ارتفعت منذ 3 سنوات حتى اليوم أكثر من الضعف، فالسنة الماضية 600 دعوى.

 

معظم الصعوبات العائليّة تؤثّر على الحياة المشتركة في العائلة، وأضمّ صوتي إلى صوت السيّدة واكيم وأنصح العائلات أمام هذه الصعوبات بعدم الذهاب إلى المشاكل والمحاكم، لا بدّ من وجود صعوبات في العائلة وهذا لا يستدعي منّا الاستسلام لها. وتحيّة إلى جمعيّة كفى التي تؤمّن الحماية للمرأة، ومع الأسف الشّديد تقريباً أول شباط كان هناك 10 ضحايا من جراء العنف المنزلي وتأثير هذه الصعوبات".

 

 

 

ثم كانت كلمة السيّدة سيلين الكك فقالت:

 

"اشكالية العنف على المرأة أساسها التمييز بالادوار بين الرجال والنساء. وأثره في المجتمع بين الادوار فرض التبعية على النساء فأصبحت المرأة تتبع والدها أو زوجها، وتكريس هذا التمييز انعكس بالقوانين وانحصرت السلطة بيد الرجل.

 

العنف هو سوء استخدام لهذه السلطة والأغلبية من المعنفين هم من الرجال بالتالي "كفى" لا تناهض الرجال بل تناهض العنف الممارس من الرجال على النساء. ومن اشكال العنف: جسدي، نفسي، اقتصادي، وجنسي معنوي.

 

جمعية كفى أو كفى عنف واستغلال تأسست عام 2005، بمبادة من مجموعة ناشطات في مجال حقوق الإنسان وفريق عمل متعدد الأختصاصات، وهي منظمة مدنية لبنانية، نسوية لا تبغي الربح، غير سياسية وغير طائفية، تعتمد مبدأ حقوق الإنسان كمرجعية لها، وتسعى إلى إحقاق المساواة بين الجنسين والقضاء على التمييز، والنهوض بالحقوق الإنسانية للمرأة والطفل.

 

تقوم جمعية كفي بالإعتماد على وسائل عدّة لتحقيق أهدافها أهمها المدافعة لتعديل واستحداث القوانين وتغيير السياسات، التأثير على الرأي العام، وتغيير الممارسات والذهنيات والمفاهيم الذكوريّة السائدة، وإعداد البحوث والتدريب، وتمكين النساء والأطفال ضحايا العنف وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لهم.

 

تدخل كفى المباشر لمساندة النساء ضحايا العنف (على الصعيد الفردي) يساعد المرأة للخروج من دائرة العنف ويمكنّها للمواجهة وبالتالي استكمال حياتها بعيدًا عن العنف. والتدخل الفردي لايحل اشكالية العنف بشكل عام لان العنف مرتبط بالثقافة والعادات والتقاليد والنظم الاجتماعية والقانونية، ولحل هذه الاشكالية يجب العمل على الصعيد الثقافي الاجتماعي والسياسي البنيوي.

 

العنف الأسري ظاهرة إنسانية – نفسيّة- أجتماعية عالمية، غير محصورة ببلد أو مجتمع معين أو طبقة فكرية أو طائفة معينة.. هو آفة خطيرة! وهي من الظواهر الإجتماعية السيئة التي يواجهها المجتمع، من هنا ضرورة رفع مستوى الوعي وزيادة المعرفة لدى كل من يتعامل مع ضحايا العنف في مختلف المجالات.

     

تابعت هناك أربع محاور يمكن العمل من خلالها لمكافحة ظاهرة العنف وذلك حسب الاتفاقيات الدولية المخصصة لمناهضة العنف على النساء وهي الوقاية، الحماية، الملاحقة، والتعويض.

 

الوقاية عبر ازالة الصور النمطية الموضوعة للرجال والنساء وذلك عبر ازالة هذه الصور من المناهج التعليمية، هنا يأتي دور وزارة التربية من خلال حملات التوعية. وتكريس وجود نساء في مراكز القرار وفي الحياة السياسية والدوائر الرسمية وادارات القطاع العام والخاص؛ والحماية من خلال تأمين ملاجئ أمنة للنساء ضحايا العنف وتأمين مراكز تأهيل ومراكز تدعم النساء اجتماعياً ونفسياً وصحياً؛ والملاحقة من خلال اقرار قوانين تجرم بشكل صريح العنف واقرار عقوبات رادعة وتحديث آلية محاكمات سريعة؛ ومن خلال استحداث مراكز تأهيل وتمكين اقتصادي ومعنوي من قبل الدولة للنساء وتأمين فرص عمل بالاضافة الى دفع تعويضات التي يتوجب دفعها من قبل المعنف وهو متقاعس.

 

 كفى تقوم بحملات مطلبية للمطالبة بتعديل قوانين عقوبات رادعة لجرائم العنف ضد النساء اضافة الى تدريب الاجهزة التي تلجأ اليها النساء كقوى الامن والاطباء والاختصاصيين الاجتماعيين."

 

ثم تحدثت السيّدة كارلا كشيشيان واكيم فقالت:

 

"تحديّات هذا العصر كثيرة ورغم كلّ التسهيلات التّي أمّنها لنا التطور التكنولوجي إلّا أنّ المشاكل والصعوبات التي تواجهها العائلة بشكل عام والمرآة بشكل خاص كثيرة لذلك مسؤوليتنا تقضي في تقديم كل الدعم الممكن لها الآن أكثر ممّا مضى.

 

ما نراه غالباً أن الثنائي يقدم على الزواج وهو يأمل أن المشاكل لن تواجهه كما تفعل بالآخرين. وسلاحه الوحيد هو الحبّ وعاجلاً ما تبدأ الصعوبات بالتغلغل فهذه طبيعة الحياة! فيجد الثنائي نفسه مصدوماً، حائراً، لا يعرف كيف يواجهها.

 

في الحقيقة أننا كلنا عندنا عادة في مواجهة الصعوبات التي تواجهنا نكون قد تعلمناها من مشاهدة أهالينا وكيفيّة حلّهم لمشاكلهم. فالبعض تجده يتصادم، يجد العيوب في من حوله ويتكلّم عنها باستمرار، لا يترك شيئاً يمر مرور الكرام، يتناقر ويتشاجر ويتصادم حتّى ينفجر الجوّ ويصل إلى العنف في بعض الأحيان.

 

أما البعض الآخر يقمع مشاعره خوفاً من ردة فعل الشريك أو يقيناً منه أن الأمور لن تتغيّر أصلاً فلما المحاولة؟ وقد يظن البعض أن السكوت وغض النظر أمران جيدان ولكنهم لا يعلمون أن هذا الأمر يوصل صاحبه إلى الإكتئاب فضلاً عن أنّ الحقد يصبح سيد الموقف ويتزايد شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى النفور وهكذا ينزف الزواج رويداً رويداً حتى آخر نفس.

 

 

كم من مرّةٍ تساءلنا: هل أسكت هل أتصادم؟ لا نعرف كيف نتعامل مع الأمور فتتفاقم وفي الحقيقة اننا عادة ما حين نكون في مزاجٍ سيٍّ، نحن نعطي معنىً سلبياً لما يفعله أو يقوله الشريك وطريقتنا في التفكير هي عبر طرح الأسئلة: "لماذا قال هذا؟"، "لماذا فعل هذا؟" والجواب يكون سلبياً لأننا في مزاج سيء ونعطي معنى سلبي: "لا يحبني"، "وهو أناني" "لا أخلاق لديه".

 

يكفي في هذه الحالة أن نغير السؤال الذي نطرحه على أنفسنا: "ما المعنى الآخر الذي يمكن أن أعطيه للذي يحصل؟"، "ما الذي يحصل مع شريك حياتي يجعله يتصرف بهذه الطريقة؟" وهنا سيكون الجواب مختلفاً لأن السؤال هو سؤال مختلف وأذكى قد يكون الجواب "لأنه يشعر بالوحدة"، "لأنه يشعر بالقلق فقد يخرجونه من عمله...

 

الغاية هنا ليست تبرير تصرف الشريك السلبي والذي أزعجنا ولكن أن نكتشف ما هي الحاجة عنده التي يحاول الحصول عليها ولكن بطريقة خاطئة. هل لديه الحق بأن يتكلم معنا بطريقة غير لائقة؟ أكيد لا ولكن في خضمّ المشكلة، الوقت لا يكون مناسباً للتصحيح بل للتواصل وجعل الشريك يفهم أننا نشعر "بخوفه" أو "بحزنه" أو "بوحدته" ... لاحقاً حين تكون الأمور هدئت نضع القوانين التي نشاؤها. 

 

اذا أردنا أن نتواصل جيداً في عائلتنا علينا أن نفهم ما هو تشريح العواطف. فوراء كل شعور بالغضب أو الحزن أو التوتر أو الخيبة، شعور بالجرح ووراء الشعور بالجرح هناك شعور بالخسارة وكأننا خسرنا شيئاً. في الحقيقة نحن لا نخسر شيئاً فالإحترام شعور داخلي لا أحد يستطيع أن يسلبه منّا. كذلك الحب، فكيف نخسره إذا كان الخالق أغدقنا بحبه؟ فإذاً فلنتذكر دائماً: لا شيء له أي معنى إلا المعنى الذي أنا أعطيه.

 

أولادنا لا يتعلمون منّا كيف يكونون أولاداً. هم يتعلمون كيف يصبحون أهلاً! فكم كبيرةٌ هي مسؤوليتنا نحن حين نكون في ظلّ عائلة، علينا أن نعرف أننا نؤثر على ثلاثة أجيال: جيلنا، جيل أولادنا وجيل أولادهم فهم سيعيدون ما تعلموه منّا.

 

إذا تعلّمنا مهارات سهلة تمكننا من الخروج عن الرجل الآتي والتصرف بوعي نستطيع أن نحول عائلتنا إلى مكان يتفتح فيه الجميع كالوردة فيتشرب حناناً وعاطفة وحب لدرجة أنّه يبدأ بتفجير طاقاته من دون جهد. نقول أننا نحب ولكن نحن غالباً ما نجهل أن قبل الحب هناك خطوة إولى وهي القبول، قبول الآخر كما خلقه الربّ."

 

 

 

 

المركز الكاثوليكي للإعلام.