الكتاب المقدس هو كتاب خطير للغاية «متفرقات



الكتاب المقدس هو كتاب خطير للغاية


إنّه كتاب حارق "كالنّار"، حسبما أضاف في مقدّمة النّسخة الألمانيّة الجديدة من يوكات.

بمناسبة صدور الكتاب المُقدّس الجديد للشباب من مجموعة يوكات في ألمانيا في 21 أكتوبر الجاري، كتب البابا فرنسيس مقدّمة وصفت بطريقة شخصيّة جداً علاقته بالكتاب المُقدّس، حسبما نقل الزّملاء في صحيفة بيلد الألمانيّة.


إليكم مقدّمة البابا:
"أحبّائي الشّباب الأعزّاء،
لو رأيتم كتابي المقدّس، فقد لا يُعجبكم كثيراً؛ ماذا؟ هل هذا هو الكتاب المقدّس الخاصّ بالبابا؟ إنّه كتاب قديم تالف تماماً! بإمكانكم أن تقدّموا لي نسخة جديدة عنه، نسخة بـ 1000 دولار، لكنّني لا أريدها. أحبّ كثيراً كتابي المقدّس القديم الذي رافقني نصف حياتي. لقد شهد على أسمى أفراحي، وبلّلته دموعي. إنّه كنزي الأثمن. أعيش منه، ولا أريد الإنفصال عنه مقابل أي شيء في العالم.

هذا الكتاب المقدّس الذي فتحتموه للتوّ يروق لي كثيراً. فهو مُتعدّد الألوان، وغنيّ جدّاً بالشّهادات، شهادات قدّيسين، وشهادات شباب. كما أنّه يبعث فيكم رغبة في متابعة القراءة حتّى الصفحة الأخيرة. وبعدها؟ بعدها، تخبّئونه. يختفي على أحد الرفوف، وراء مجموعة الكتب الثالثة. ويغطّيه الغبار. وفي أحد الأيّام، سيذهب أولادكم لبيعهِ في سوقٍ للبضاعة المستعملة. لا، ليس هذا هو الأمر الذي يجب أن يحدث!

كما لو أنّه يتمّ تخزين قنابل عسكريّة

أودّ أن أقول لكم شيئاً: يفوق اليوم عدد المسيحيّين المُضطهدين ذاك الذي سجّل في الأزمنة الأولى للكنيسة. ولماذا يُضطهدون؟ يُضطهدون لأنّهم يرتدون صليباً ويشهدون ليسوع. يُحاكمون بسبب حيازتهم على نسخة من الكتاب المقدّس.

الكتاب المقدّس هو كتاب خطير للغاية، خطير جدّاً بحيث أنّ عدّة بلدان تتصرّف كما لو أنّ الحيازة على نسخة من الكتاب المقدّس تساوي تخزين قنابل عسكريّة في خزانة الملابس.

في أحد الأيّام، قال شخص غير مسيحيّ هو الماهاتما غاندي: "أنتم المسيحيّون تملكون بين أيديكم كتاباً يحتوي على كميّة كافية من الديناميت لتفتيت الحضارة بأكملها، وقلب العالم، وجعل هذا العالم المدمر بفعل الحرب عالماً في حالة سلام. ولكنّكم تتصرّفون كما لو أنّه قطعة أدبيّة جيّدة وليس أكثر".

أكثر من أدب

ما الذي يوجد إذاً بين أيديكم؟ القليل من الأدب؟ بعض القصص الرّائعة والقديمة؟ في هذه الحالة، يجب أن تقولوا للمسيحيّين الذين يُسجنون بسبب كتابهم المقدّس: "ولكن، أنتم حمقى! هذا ليس سوى القليل من الأدب!". ولكن، لا! بواسطة كلمة الله، دخل النّور إلى العالم، ولن ينطفأ أبداً.

في "فرح الإنجيل" (175)، كنت ذكرت: "نحن لا نبحث تحسّساً في الظلمة، ويجب ألا ننتظر أن يخاطبنا الله، لأن "الله تكلّم" حقـّاً، "لم يعد المجهول العظيم، بل أظهر نفسه". لنرحّب بكنز الكلمة المتجليّة".

كتاب يكلّمنا الله فيه

لديكم شيء إلهيّ بين أياديكم: كتاباً حارقاً كالنّار! كتاباً يكلّمنا الله فيه. هكذا، افهموا أنّ الكتاب المقدّس ليس موجوداً لكي يوضع على رفّ؛ إنّه موجود لكي يكون بين أيديكم، لكي تقرأوه مراراً ويوميّاً، بصورة فرديّة أو جماعيّة. أنتم تمارسون الرياضة أو تذهبون للتسوق سويّاً. فلماذا لا تقرأون الكتاب المقدّس معاً في مجموعة من اثنين أو ثلاثة أو أربعة؟ في الخارج، في الطبيعة، في الغابة، على الشاطئ، مساءً على ضوء الشموع: ستعيشون تجربة استثنائيّة!

أم أنّكم تخافون من خلال اقتراح مماثل بأن تسخروا من بعضكم البعض؟

اقرأوا بانتباه! لا تقرأوا بشكلٍ سطحيّ كما نفعل عند قراءة قصص مرسومة! يجب ألا تُقرأ كلمة الله أبداً قراءة سريعة! تساءلوا: ما الذي تقوله لقلبي؟ ما الذي يقوله لي الله من خلال هذه الكلمات؟ هل يلمسني في عمق تطلّعاتي؟ ما الذي يجب أن أفعله في المقابل؟

بهذا الشّكل فقط، تتّخذ قوّة كلمة الله بُعدها كلّه. هكذا فقط، تستطيع حياتنا أن تتغيّر، وتصبح عظيمة وجميلة.

أودّ أن أقول لكم كيف أقرأ كتابي المقدّس القديم! أحياناً، أحمله هنا، وأقرأه هناك، ومن ثمّ أضعه وأسمح للرّبّ بالنظر إليّ. لست أنا من ينظر إليه، بل هو الذي ينظر إليّ. أجل، إنّه حاضر هنا. أدعُهُ ينظر إليّ. وأشعر من دون أيّ عاطفية، أشعر في صميم الأمور بما يقوله لي الرّبّ.

أحياناً أيضاً لا يتكلّم

أحياناً أيضاً لا يتكلّم. لا أشعر بشيء، فقط بالفراغ… لكنّني أحافظ على صبري وأنتظر. أقرأ وأصلّي. أصلّي جالساً لأنّ الرّكوع على ركبتيّ يؤلمني. حتّى أنّني أحياناً أغفو فيما أصلّي. لكن هذا لا يهمّ. فأنا أتصرّف كما يتصرّف الإبن مع والده، وهذا ما يهمّ.

هل تريدون أن أشعر بالفرح؟ اقرأوا الكتاب المقدّس!