اليوم الرابع من زيارة الاعتاب الرسولية «متفرقات

 

 

استهل غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي اليوم الرابع من زيارة الاعتاب الرسولية بالاحتفال بالذبيحة الالهية على ضريح القديس بطرس وقد اعلن في مستهلها انها تأتي "لتجديد ايماننا الشخصي كرعاة للكنيسة المارونية ولكي نجدد ايضا الايمان باسم ابنائنا وبناتنا اينما وجدوا، في الشرق او في عالم الانتشار" واضاف غبطته: "نرفع الذبيحة الالهية على نية كنيستنا، وبنوع خاص على نيّة قداسة البابا فرنسيس، ونصلي على نيّة لبنان في يوم عيد استقلاله. عاون غبطته في القداس اساقفة مجمع الكنيسة المارونية المقدس ولفيف من كهنة المعهد الحبري الماروني والرهبان من مختلف الرهبانيات المارونية في روما.

 

 

 

بعد الانجيل المقدس القى غبطته عظة جاء فيها: "اعطانا الله نعمة ان نكون من الله. نحن من الله بالمعمودية والميرون ونحن من الله بنعمة الكهنوت وبنعمة الأسقفية فأصبح من واجبنا الإستماع الى كلام الله. هذه الكلمة التي يوجهها الينا اليوم الرب يسوع في الإنجيل من كان من الله يسمع كلام الله. انطلاقا من هويتنا اننا من الله نحن اليوم امام ضريح مار بطرس الذي آمن بالكلمة وسمعها ويوم الصعوبة قال: "الى من نذهب يا رب وكلام الحياة الأبدية هو عندك". هذا هو جمال حياتنا. كلمة الله تهدينا كل يوم، في الظلمة هي نور وفي الضعف هي قوة وفي الحزن هي الفرح، انها مرافقة لنا في كافة ظروف حياتنا. يكفي ان نسمعها كما يريد الرب يسوع كالارض المهيأة لإستقبال الزرع بقلوب نقية وضمائر صافية وعقول منفتحة لكلام الله. عندما نتحدث عن كلام الله نحن نتحدث عن شخص يسوع المسيح الكلمة وعندما نسمع كلام الله نحن نتحد بالرب يسوع . ونقبل فينا الرب يسوع لذلك تبقى حياتنا الأساسية اليومية هي السعي الدائم لكي نتماهى مع الرب يسوع الكلمة التي تملأعقولنا وقلوبنا. وعندما نقبل كلمة الله في حياتنا ونشعر بتماهي وجودنا مع الكلمة التي هي يسوع المسيح نجد مصدر رسالتنا الكهنوتية والأسقفية ورسالتنا المسيحية.

 

 

 

نحن نحمل وظائفنا الكهنوتية المثلثة التي تنطلق كلها من الكلمة التي تعاش اولا ثم تعلن بالكرازة والتعليم والإرشاد كي يولد الإيمان فينا ويولد في النفوس وهذا الهم الأساسي في حياتنا الكهنوتية والاسقفية ان نحمل كلام الله الذي يولد الإيمان، الإيمان من السماء وكيف نسمع من دون مبشر وهل من مبشر من دون مرسل؟

 

 

وظيفتنا الكهنوتية الثانية هي ان الكلمة التي قبلناها هي كلمة نحتفل بها في الليتورجية من اجل تقديس النفوس هي نفسها الكلمة والذبيحة وجسد الرب ودمه الذي يقدسنا ويقدس نفوسنا ونفوس المؤمنين. ورسالتنا الثالثة الصادرة من الكلمة هي خدمة الرعاية خدمة التدبير الكلمة التي تصبح حقيقة وعدالة وسلام نبني به الجماعة المسيحية.

 

 

نشكر اليوم الرب على كلامه في الإنجيل الموجه لنا شخصيا لكي ندرك من جديد اننا من الله واننا مدعوون ان نسمع دوما كلام الله شهادة حياة كرازة وتعليم وتقديس للأسرار وبناء الجماعة المسيحية المؤمنة.

 

 

نحن نلتمس بشفاعة القديسين بطرس وبولس ومار مارون نعمة قبول كلمة الله فينا ونعمة الإدراك الدائم اننا من الله ولاننا من الله مدعويين لسماع الكلمة واعلانها والإحتفال بها وبناء الجماعة عليها، آمين".

 

 

 

وفي ختام القداس جدد الاباء ايمانهم على ضريح القديس بطرس بمناسبة زيارة الاعتاب الرسولية، وقد تضمن اعلان الايمان بالله الاب والابن والروح القدس والاعتراف بالمجامع المسكونية السبعة الاولى، وبسائر المجامع المسكونية التي عقدتها تباعا الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية، وبالكتب المقدسة الموحاة في العهدين القديم والجديد، وبأن السيد المسيح جعل بطرس خليفة له على رأس كنيسته وان بطرس جعل كرسيه اولا في انطاكية ثم نقله الى روما. والاعتراف ايضا بخلفاء بطرس الذين تعاقبوا على رئاسة الكنيسة و"بخاصة قداسة البابا فرنسيس ثبّت الله رئاسته"، وبأن "البطاركة الموارنة تعاقبوا على كرسي بطرس الانطاكي خلفًا عن سلف الى ابينا البطريرك مار بشارة بطرس عضده الله، وادام رئاسته علينا"، والتعهد امام الله وامام ضريح القديس بطرس هامة الرسل وامام الملائكة والقديسين بالخضوع لهما واطاعتهما هما وخلفاؤهما طاعة بنوية، والسعي الى القيام بالخدمة بامانة لتقديس النفوس.

 

 

 

 

بعد القداس توجّه الآباء الى مجمع عقيدة الايمان حيث كان لقاء مع رئيسه نيافة الكردينال لويس فرنسيسكو لاداريا ومن هناك انتقل الآباء الى المجلس الحبري لوحدة الايمان المسيحي حيث عقد لقاء مع امين عام المجلس المطران بريان فاريل وبعد كلمة للبطريرك الراعي كانت كلمة للمطران فاريل الذي نوّه بعمل الكنيسة المارونية مع الكنائس الشرقية كافة عبر عملية الحوار المتبادل وعقد القمم الروحية حول القضايا المشتركة.    

 

 

 

 

وبعد الظهر زار غبطة البطريرك مع الأساقفة، محكمة التوقيع الرسولي العليا حيث التقوا رئيس المحكمة الكردينال دومينيك مومبارتي. وبعد كلمة تعريف لغبطته ألقى الكردينال مومبارتي كلمة شرح فيها تاريخ المحكمة ودورها وصلاحياتها القانونية والإدارية وعملها المشترك مع الكنيسة المارونية ومحاكمها.

 

 

 

ثم انتقل غبطته والسادة الاساقفة الى محكمة الروتا الرومانية حيث التقوا عميد المحكمة المونسنيور بيو فيتو بينتو الذي رحب بالحضور منوّها بالبطريرك الراعي الذي يحمل لقب محامي روتالي بتعيين خاص من قداسة البابا فرنسيس معتبرا ان هذا المنصب هو شرف كبير لمحكمتنا، ثم اشار الى العلاقة الوطيدة التي تربط الكرسي الرسولي بالكنيسة المارونية ومنها علاقة محكمة الروتا بالكنيسة المارونية. من جهة اخرى أشار المونسنيور بينتو الى الاهمية الكبيرة التي يوليها البابا فرنسيس للقوانين الكنسية من خلال الارادات الرسولية التي اصدرها.

 

 

 

وفي اطار لقاءاته مع الرهبانيات المارونية في روما زار غبطته دير مار اشعيا للرهبانية الانطونية حيث كان في استقباله الرئيس العام الاباتي مارون ابو جودة ورئيس الدير الاب ماجد مارون مع جمهور الدير والسفيرين فريد الخازن وميرا الضاهر واعضاء الوفد اللبناني المرافق للمؤسسة المارونية للانتشار من نواب ورئيس واعضاء المؤسسة. وفي كلمة ترحيبية له قال الاباتي ابو جودة: "اهلا بكم في مناسبة زيارة الحج الى الاعتاب الرسولية، للتواصل مع الكنيسة الجامعة في حمل كرازة الانجيل في لبنان، الذي يشكل فيه المسيحيون "رسالة" الى الشرق والعالم، ومعكم غبطة ابينا البطريرك نؤكد اننا كنيسة حيّة اعضاؤها كثر ولكل دوره ومكانته، وفيه وبه تكتمل الكنيسة وتقوم بعملها وتعزز حضورها." واضاف: "الزيارة الى روما اليوم، ليست للرخاء، كما يقول بعض المشككين، انما هي وقفة وجودية جامعة تضم كل مكونات الكنيسة وتنمي فينا الوعي الى قدراتنا، وتشعرنا باهمية دورنا وتبث في رهبانيتنا، كما في كل الجمعيات، روح الانتماء الكنسي والعمل الجدي للاسهام في بناء شعب الله وفي تفعيل دور الكنيسة في لبنان. صحيح ان منصات الشبكة العنكبوتية لا تجد الا الثغرات والفضائح لتبثها في الاعلام، وذلك ليس بفضل تقاعس الكنيسة، انما بسبب الفراغ الذي تتركه الدولة وتنتظر من يملأه، وهو ما يترجم المثل الصيني المعروف: "تحدث ضجة كبيرة، شجرة واحدة تقع على الارض، اكثر من غابة تنمو بصمت."

 

 

 

 

من جهته شكر غبطته الرهبانية الانطونية على هذا اللقاء الغني واستهل كلمته بتوجيه تحية الى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مهنئا بعيد الإستقلال، واضاف: "والشكر ايضا للرهبنة على شهادتها في روما وفرحتنا كبيرة لوجود كاهنين في خدمة الكرسي الرسولي احدهما في مجمع الكنائس الشرقية والثاني في مجمع التربية المسيحية وهذا امر بالغ الاهمية. فعمرنا في روما من قبل المعهد الماروني الحبري الذي تأسس سنة 1584 لقد كان يأتي الموارنة الى روما قبل هذا التاريخ ومن ثم رسميا مع المعهد. انه تاريخنا الغني فالموارنة خلقوا الجسر الثقافي بين الشرق والغرب وتكلموا باسم كل المسيحيين والمسلمين. ويمكنني التأكيد من خلال تاريخنا اننا كموارنة لم نفكر يوما في لبنان ان نعمل فقط من اجل الموارنة. الموارنة من اجل لبنان دائما ومن اجل كل اللبنانيين . لقد اعتدنا على هذا الأمر ونحن نؤمن بأن لبنان لا قيمة له الا بتنوعه الذي جعل منه قطعة فسيفساء لا يمكننا انتزاع حجر واحد منها فهي مؤلفة من مجموعة من الجماعات الإسلامية والمسيحية المتنوعة عدا عن الأفراد. وهذا هو جمال هذه الفسيفساء اللبنانية التي نحرص عليها وعلى حملها هنا في العالم الغربي."

 

 

 

 

وتابع غبطته :" نحن اليوم بأمس الحاجة الى ان نغرف المزيد من تاريخنا الموجود في الكرسي الرسولي والمكتبة الفاتيكانية لكي يتعرف الينا العالم الغربي اكثر فاكثر، مع العلم ان من اعطى الوجه الثقافي الكبير وبرز في القرون الماضية وعلم في البلاطات الملكية هم من الموارنة ولقد قيل عنهم المثل المعروف " انه عالم كماروني، علينا اليوم تجديد هذا الأمر لكي يقال عالم كلبنانيsavant comme un libanais لذلك مدارسنا وجامعاتنا تغتني بالعلوم. لبنان لا يغتني بالموارد الطبيعية وانما انعم الله علينا بغنى العقل هذا العقل الخلاق الذي وهبه الرب للبنانيين هو قوتهم وهو اقوى من كل ثروات الارض. لذلك نحن بحاجة الى مساعدة شعبنا اللبناني على تفعيل فكره. ولكن للأسف امام الصعوبات الإقتصادية وخطر التعليم في المدارس الخاصة عامة والكاثوليكية خاصة منع اللبناني من تنفيذ هذا الامر."

 

 

 

 

واضاف غبطته: "تحية للنواب الحاضرين معنا ونقول لهم انتم امام مسؤولية كبيرة وهي التشريع والحفاظ على اللبناني كي يبقى انسان العلم والمعرفة. 1736 اقر المجمع اللبناني الشهير الذي انعقد في سيدة اللويزة الزامية التعليم للإناث والذكور لدرجة انه اقر ان من يرفض التعلم يساق سوقا الى المدرسة. واليوم نحن نعيش في زمن يحتاج فيه العالم الى ثقافة ومعرفة وفكر. نحن بحاجة الى شعب مثقف فلبنان ارض ثقافة واذا خسرنا ثقافتنا يعني اننا خسرنا كل شيء."

 

 

 

 

وقال غبطته:" اعلم ان النواب متألمون لقد مر نحو ستة اشهر على انتخابهم ولم يتمكنوا من ممارسة دورهم التشريعي او محاسبة او مساءلة في ظل غياب الحكومة. ولكننا لا يمكننا ان نبقى مكتوفي الأيدي سنرفع صوتنا عاليا لنقول: لا يحق لأحد ان يلعب بمصير شعب او وطن ايا يكن هذا الشخص او هذه الجماعة. كونوا على مستوى هذا الوطن وشعبه الذي يستحق منكم الافضل ولو كلّف هذا الامر بعض التضحيات، فكلنا اصغر من لبنان."

 

 

 

 

موقع بكركي.