تأمّل للبطريرك الراعي في افتتاح تساعيّة الميلاد «متفرقات

 

 

 

"أرسل الله ابنه إلى العالم، ليخلّص به العالم" (يو 17:3)

 

 

      1. في حضرة فخامة رئيس الجمهوريّة واللّبنانيّة الأولى، وهذا الجمهور المنتقى روحيًا ومدنيًا، في رحاب الجامعة الأنطونيّة الزاهرة ودير سيّدة الزروع، نتأمّل في ميلاد فادينا الإلهيّ ومخلّص العالم، يسوع المسيح.

 

 

 

إنّ الله، سبحانه، كي يوطّد السلامَ والشّركة معه، ويؤسِّس مجتمع الأخوّة والمحبّة بين البشر، بعد أن شوّهته الخطيئة والشرّ بكلّ أنواعه، قرّر بفيض محبّته أن يدخل في تاريخ البشر بطريقة جديدة ونهائيّة. فأرسل ابنه في الجسد، جسدنا، لكي ينتشل به الناس من سلطان الظلمة والشيطان، وبه يخلّص العالم ويصالحه (راجع القرار المجمعي: في نشاط الكنيسة الإرسالي، 3). فنقول مع القديس أمبروسيوس وسائر آباء الكنيسة: "تأنّس الله ليؤلّه الإنسان".

 

 

 

 

      2. هذه هي عقيدتنا الإيمانيّة التي تجمعنا هذا المساء في افتتاح تساعيّة عيد ميلاد فادي الإنسان ومخلّص العالم. إنّنا نتأمّل سرَّه مع مريم ويوسف، ونسبّحه مع الملائكة، ونسجد له مع الرعاة، ونقدّم له هدايا حياتنا الروحيّة المتجدِّدة وأعمالنا الصالحة مع المجوس. ونصلّي من أجل المسؤولين في الكنيسة وفي بلادنا وفي مقدّمتهم فخامة رئيس الجمهوريّة، ملتمسين له ولهم مواهب الرّوح القدس الفائضة من سرّ المسيح المولود "عمّانوئيل – الله معنا". فيوشّحه ويوشّحهم بهذه المواهب التي تنبّأ عنها أشعيا كما سمعنا من القراءة وهي: روح الحكمة والفهم لإنارة العقول، وروح المشورة والقوّة لتوجيه الإرادات في القرار، وروح التقوى ومخافة الله لدفء المحبّة في القلوب (راجع أشعيا 11: 1-10).

 

 

 

      3. في تساعيّة الميلاد وجهان متلازمان: وجه تاريخيّ يذكّرنا بمسيرة الأجيال التي انتظرت وتاقت إلى مجيء المسيح الآتي، الذي عنه تنبّأ الأنبياء والكتب المقدَّسة المعروفة بالعهد القديم؛ ووجه روحيّ يدعونا لنجعل من التساعيّة مناسبة للاستعداد الروحيّ للميلاد بالصّلاة والتّوبة وأعمال المحبّة والرّحمة تجاه الفقراء المحرومين من بهجة العيد. ونجعلها مناسبة لنتجدّد في إنسانيّتنا على صورة المسيح الإنسان الكامل الذي رمّم في الإنسان المثال الإلهيّ بعد أن شوّهته الخطيئة. "فباتّخاذه طبيعتنا البشريّة، رفعها إلى مرتبة وكرامة لا مثيل لهما، واتّحد نوعًا بكلّ إنسان، وأصبح مرآة حياتنا إذ اشتغل بيدَي إنسان، وفكّر بعقل إنسان، وعمل بإرادة إنسان، وأحبّ بقلب إنسان" (الكنيسة في عالم اليوم، 22).

 

 

 

 

      4. من هذا التجدّد الذي نرجوه لنا جميعًا، ولكلّ الناس، ولا سيّما المسؤولين في العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة، ينبثق لنا فجر حياة جديدة بالمسيح المولود في قلوبنا، الذي منه فجر إصلاح حقيقيّ شخصيّ وجماعيّ؛ وفجر مجتمع تسوده الأخلاق؛ وفجر دولة القانون والعدالة والمؤسّسات؛ وفجر اطمئنان بمستقبل أفضل في وطننا يعيد ثقة شعبنا به وبالمسؤولين فيه.

 

 

 

 

      بهذا الرجاء نعلن: "وُلد المسيح، هللويا!"

موقع بكركي.