راحةُ الله صلاة «متفرقات

 

قالَ اللهُ على لِسانِ النّبيّ: "هذِهِ هِيَ راحَتي: أريحوا التَّعِبين" (أشعيا 28/ 12). إصنَعْ إذاً راحَة الله، ولا تكُن لكَ حاجة ٌ إلى أنْ يُقالَ لكَ: إغفِرْ لي. أرِحِ التَّعِبين. زُرِ المَرضَى. ساعِدِ المَساكين. أوَدُّ لو أُلفِتـُكَ أبَداً، يا عزيزي، إلى هذا الأمر: وَهُوَ أنَّ الإنسان الذي يَعْمَلُ راحةَ اللهِ يكونُ قَدْ صَلّى... إذا حَدثَ لَكَ أنْ تُريحَ إرادَةَ الله وَقُلتَ: ألآن وَقتُ الصَّلاة، أُصَلّي ثُمَّ أصْنَعُ إرادَةَ الله، قبلَ أنْ تَنْتَهيَ صَلاتُكَ قدْ أفلَتَتْ مِنكَ الإرادَةُ التي تُريحُ اللهَ بها، وَيُنزَعُ مِنْكَ العَمَلُ الذي يَطيبُ لِله، وَتَغْدو صَلاتُكَ إساءَة. إلتَزِمْ راحَةَ اللهِ أوَّلاً، والرَّاحَة ُ هذِهِ هيَ الصَّلاة.

 

       إسْمَعِ الكَلمَةَ التي قالها الرَّسول: "لو كُنّا نَدينُ أنفُسَنا، لمَّا كُنّا نُدان" (1قور11/ 31). دِنْ نَفسَكَ على الأمورِ التي أقولُ لَكَ: إذا حَدَثَ لكَ أنْ سافَرْتَ في طريقٍ بَعيد، فَعَطِشْتَ مِنْ شِدَّةِ الحَرّ، وَذهَبْتَ إلى أحَدِ الإخوَةِ تَقولُ لَهُ: أرِحْني مِنْ صَليبِ العَطَش. فأجابَكَ: ألآن وَقتُ الصَّلاة. سَأصلّي ثُمّ آتي إليكَ. قَبلَ أنْ يُنهيَ صَلاتَهُ تكونُ قدْ مُتَّ مِن العَطَش. ما الأفضَلُ في نَظرِكَ؟ أنْ يَذهَبَ إلى الصَّلاة، أمْ أنْ يَرفَعَ عَنْكَ عَذابَ العَطش؟ وإذا سافرْتَ في زمَنِ الشِتاء، وَجاءَ عَليكَ المَطَرُ والثلج، وأنتَ تَتَعَذّبُ مِنَ البَرد، فَيذهَبُ صَديقُكَ إلى الصَّلاة، بَعْدَ أنْ يَكون قدْ أسْمَعَكَ الجوابَ عَينَهُ. في هذه الأثناء، تَكون قدْ مُتَّ مِنَ البَرد. ما هي ثَمَرَةُ صَلاةِ هذا الرَّجُلِ الذي لا يَرفعُ العذابَ عنك؟ لَمَّا أعْطى رَبُّنا مَثَلَ الدَينونَة، مَيَّزَ بَيْن فِئتَين مِنَ البَشر: ألقائِمين عَنِ اليَمين، وَالقائِمين عَنِ اليَسار. هذا ما قالَهُ لِأهْلِ اليَمين: "جُعْتُ فأطعَمْتُموني. عَطِشْتُ فَسَقيْتُموني. مَرِضْتُ فَزُرْتُموني. غَريباً فآويتُموني" (متى 25/ 35). وقالَ الكلامَ عَينَهُ سَلباً لِأهْلِ اليَسار. و بِما أنّهُم لمْ يَفْعَلوا ذلك، أسْلمَهُم إلى العَذابِ وأرْسَلَ بَني اليَمينِ إلى المَلكوت.

 

       الصَّلاةُ واجِبٌ وأعْمالُها جَميلةٌ. والصَّلاةُ مَقبولَة ٌ عِنْدَما تَجْلـُبُ الرَّاحَة. تـُسْتَجابُ هِيَ عِندما تَشْمُلُ الغُفران. مَحْبوبَة ٌ هِيَ إذ تَخْلو مِنْ كُلِّ غِشّ. قوِيَّة ٌ هِيَ إذ تَسْكُنُ فيها قُدرَةُ الله. هذا مَعْنى ما كتبتُهُ لَكَ، يا عزيزي، أنْ يَعْمَلَ الإنسانُ راحَةَ اللهِ وإرادَتَهُ. وَعَمَلُ إرادةِ اللهِ صَلاة. هكذا تبْدو الصَّلاةُ جَميلة. ما قُلتُهُ لا يَجِبُ أنْ يُبْعِدَكَ عَنِ الصَّلاة، بَلْ يَكونُ لَكَ حافِزاً عليها. ولا تَمَلَّ، كما قالَ رَبُّنا: "صَلّوا ولا تَمَلّوا"(لو 8/ 1). كُنْ يَقِظاً. أُنفُضْ عَنْكَ الكَسَلَ والتقاعُسَ والوَنى. إسْهَرْ في اللّيلِ وفي النّهارِ ولا تُخمِدْ نَشاطَكَ.

قراءةٌ من أفراهاتَ الحَكيم الفارسيّ (+345)