رتبة دفن المسيح - بكركي «متفرقات

 

 

 

 

رتبة دفن المسيح - بكركي

 

 

 

 

"نسجد لك أيّها المسيح ونباركك،

لأنّك بصليبك المقدّس خلّصت العالم"

 

من على الجبل  المطلّ على بحيرة طبريّه، علّم يسوع إنجيل التّطويبات ليكون دستور الحياة المسيحيّة بتسع مواد (راجع متّى 5: 1-12). ومن على صليبه المرفوع على جبل الجلجلة في خارج مدينة أورشليم كمّل هذا التّعليم- الدّستور بسبع كلمات.

 

1. "يا أبتِ اغفر لهم، لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون" (لو 23: 34).

من القلب غفر يسوع لصالبيه، وتشفّع بهم لدى الآب، لأنّهم يجهلون ما يفعلون، طالبًا لهم الإستنارة والوعي. وما زال يغفر ويتشفّع لكل فاعل شرّ ومخالف لوصايا الله ورسومه ولتعليم الإنجيل والكنيسة. ويدعونا لنغفر مثله لمن يسيء إلينا، ونتشفّع من أجله.

 

2. "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43).

هي رحمة الله خلّصت لصّ اليمين التّائب قبل موته بدقائق. ما يعني أنّ الرّحمة الإلهيّة تنتظر توبتنا كلّ يوم وفي كل مناسبة لكي تمنحنا نعمة الغفران. هذا الّلص نسِيَ الله عندما كان عائشًا في الخطيئة، لكنّ الله لم ينساه، بل كان في انتظاره حتّى اللحظة الأخيرة. امثولة عظيمة لنا لنعيش منفتحين على رحمة الله، ونمارس الرّحمة تجاه إخوتنا.

 

3. "يا يوحنا، هذه أمّك! يا امرأة، هذا ابنك" (يو 19: 26-27).

كما اهتمّ يسوع المصلوب بصالبيه بالغفران، وباللّص اليمين بالرّحمة، اهتمّ بيوحنا الحبيب فأعطاه أمّه، واهتمّ بأمّه فأعطاها يوحنا ابنًا، فأخذها إلى بيته كجوهرة ثمينة أغلى من العالم. واهتمّ بكلّ إنسان وبالكنيسة فأعطاها أمًّا سماويّة. "بنعم" البشاره أصبحت العذراء أمّ الكلمة المتجسّد، و"بنعم" آلام الصّليب أصبحت أمّ جسد ابنها السّري الّذي هو الكنيسة. فلنلجأ إلى هذه الأم ونحافظ على بنوّتنا لها. ولنتذكّر أنّ من كل ألم يولد أمر إيجابي جديد.

 

4. "إلهي إلهي، لماذا تركتني" (متى 27: 47).

سقط يسوع تحت ثقل خطايا البشر الّتي بلغت ذروتها في آلامه وصلبه. وصار كمن حجب الآب وجهه عنه. بهذه الصّرخة الإنسانيّة يتضامن المسيح مع كلّ متألّم وموجوع ومظلوم ومضّطَهد ومعذّب، ليعزّيه ويقوّيه. في كل مرّة نشعر وكأنّ الله غائب وأصمّ وأعمى عن معاناتنا، فلنتذكّر أنّ المسيح بقربنا ويخاطب قلوبنا.

 

5. "أنا عطشان" (يو 19: 28).

عَطِشَ يسوع، مروي البشر بحبّه ونعمه وعطاياه، إلى ماء يرطّب به حلقه بعد عناء السّهر والجلد وحمل الصّليب والطّريق الطّويل، وبعد انصباب العرق والدّم فجفّ جسمه من الماء. لكنّهم ناولوه خلاً لكي تزداد مرارته. ولكن، بقبوله الصّلب فداءً عن خطايانا وخطايا البشريّة جمعاء، كان ويبقى عطشانًا لخلاص كلّ إنسان، ولخلاصنا، وغسل خطايانا. فلا نبادلنّه بالمزيد من خلّ الخطايا والإساءات والأعمال الشّريرة والأفكار السّيئة.

 

6. "قد تمّ كلُّ شيء" (يو 19: 30).

أتمّ يسوع الرّسالة الّتي أَوْكَلَها الآب إليه: التجسّد، وإعلان ملكوت الله، والموت على الصّليب فدى عن البشريّة الخاطئة. أتمّ كلّ شيء بطاعة كاملة للآب، وانصياع لقيادة الرّوح القدس. إنّه يدعو كلّ واحد وواحدة منا ليُتِمّ العمل الموكول إليه من الله في العائلة والكنيسة والمجتمع والدّولة بكمال الحب وليكن شعارنا في مساء كل يوم: "العمل الّذي أعطيتني يا رب لأعمله، قد تمّمته".

7. "أيا أبتاه، في يديك أستودع روحي" (لو 23: 46).

 

كل حياة يسوع كانت بين يدي الآب في طاعة كاملة لمشيئته. هل يستطيع كلّ واحد وواحدة منّا أن يقول بطمأنينة بال في آخر حياته: يا أبتاه، بين يديك أستودع روحي؟ لكي أتمكّن من ذلك يجب أن أودع حياتي كلّ يوم بين يدي الرّب، مبتعدًا عن كلّ خطيئة، متّحدًا كلّ حين بالرّب.

 

نصلّي كي تكون هذه الكلمات السّبع دستورنا في الحياة إلى جانب دستور التّطويبات، فيكون فصح المسيح فصحنا بالعبور إلى حياة جديدة نمجّد بها الثالوث القدّوس الآب والابن والرّوح القدس الآن وإلى الأبد، آمين

 

 

 

 

 

عظةالبطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي - رتبة دفن المسيح السّجود للصليب - بكركي