سلام يسوع هو كهدوء البحر العميق «متفرقات

 

 

 

كيف يمكننا أن نوفّق بين الشدائد والاضطهادات التي تعرّض لها القدّيس بولس والتي تخبرنا عنها القراءة الأولى من كتاب أعمال الرسل(14/ 19 -28) والسلام الذي يتركه يسوع لتلاميذه في كلماته خلال خطاب الوداع في العشاء الأخير: "السَّلامَ أَستَودِعُكُم، وسَلامي أُعْطيكم" (يوحنا14/ 27 - 31).

 

 

 

 

 

"طوبى لكم، إِذا شَتَموكم واضطَهدوكم وافتَرَوا علَيكم كُلَّ كَذِبٍ مِن أَجلي" (متى 5/ 11) استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من هذه الآية وقال يبدو لنا أنّ حياة الاضطهادات والشدائد هي حياة بدون سلام، ولكن التطويب الأخير يقول لنا العكس، وسلام يسوع يسير مع درب الاضطهادات هذه، إنّه سلام في العمق ويسير تحت جميع هذه الأمور. سلام لا يمكن لأحد أن ينتزعه منّا، سلام هو عطيّة وكالبحر يكون هادئًا في العمق بالرغم من الأمواج التي نراها على سطح المياه. إنَّ العيش بسلام مع يسوع هو عيش هذه الخبرة في الداخل، والتي تبقى خلال جميع المحن والصعوبات والاضطهادات.

 

 

 

 

 

هكذا فقط، يمكننا أن نفهم كيف عاش العديد من القدِّيسين ساعتهم الأخيرة: لم يفقدوا السَّلام أبدًا، ممّا جعل بعض الشهود العيان يقولون لقد كانوا يذهبون إلى الاستشهاد كمن يذهب إلى العرس. وهذه هي عطيّة سلام يسوع، تلك التي لا يمكننا الحصول عليها بواسطة أدوات بشريّة، لأنّه أمر مختلف ويأتي من الرُّوح القدس الذي في داخلنا والذي يحمل معه القوّة.

 

 

 

يعلّمنا سلام يسوع،  أن نسير قدمًا في الحياة. يعلّمنا أن نتحمّل. الاحتمال هي كلمة لا نفهم جيِّدًا معناها، إنّها كلمة مسيحيّة بامتياز. الاحتمال هي أن نحمل على أكتافنا الحياة والصعوبات والعمل وكلّ شيء بدون أن نفقد سلامنا. لا بل هي أن نحمل كلّ شيء على أكتافنا وأن نتحلّى بالشجاعة لنسير قدمًا. يمكننا أن نفهم هذا الأمر فقط عندما يكون الرّوح القدس في داخلنا ويعطينا سلام يسوع. لكن إن سمحنا للإنفعال أن يسيطر علينا وفقدنا سلامنا فهذه علامة بأن هناك أمر لا يسير على ما يرام.

 

 

 

 

لنواجه إذًا الصعوبات حاملين في قلوبنا العطيّة التي وعدنا بها يسوع ولا تلك التي تأتي من العالم ولنسر قدمًا بتلك القدرة الإضافيّة التي تجعل القلب يبتسم لأنَّ الشّخص الذي يعيش هذا السلام لا يفقد أبدًا روح المرح، ويعرف كيف يضحك على الأمور. إن روح المرح هذا قريب جدًّا من نعمة الله. إنَّ سلام يسوع في الحياة اليوميّة وسلام يسوع في الشدائد مع روح المرح هذا هو الذي يجعلنا نتنفّس جيّدًا. ليعطنا الربّ هذا السلام الذي يأتي من الروح القدس، ذلك السلام الذي يأتي منه ويساعدنا على احتمال العديد من صعوبات الحياة.    

 

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.